يقول أبو سليم: “أعاني من تشكل الحصى في الكليتين، وآخذ الدواء بشكل دائم، ذهبت إلى الطبيب المختص وقال لي: يجب ألَّا تشرب من مياه الحنفية، لأنَّ فيها نسبة كبيرة من الكلس!
تتردد هذه الجملة المخيفة كثيراً بين الناس في ريف حلب الغربي ويقال: إنَّ هناك نسبة كبيرة من الكلس في مياه الآبار التي يشرب منها الناس في تلك المناطق، وفي محافظة إدلب أيضاً، فهل هذا الكلام صحيح أم هي إشاعة؟
قامت صحيفة حبر الأسبوعية بإجراء تحقيق صحفي عن هذا الموضوع، وقامت بزيارة شركة المياه، والتقت مع مديرها خالد عبيد وقال: “بشكل عام يوجد عندنا ثلاثة أنواع من الآبار المستثمرة في محافظة إدلب، آبار سطحية وتكون فيها نسبة التراب عالية، وآبار على صخور كلسية، وأخرى على صخور بركانية وتكون المياه فيها مياه معدنية إذا كانت حرارتها تحت 10 درجة مئوية وتكون صالحة للشرب، وتكون فيها نسبة المعادن أكثر من المياه الموجودة في حوض كلسي، كتلك الموجودة والمنتشرة في الريف الغربي.”
ما سبب التكلس والانسداد في الأنابيب الرئيسية
إنَّ سبب تشكل الكلس في الأنابيب الرئيسية البلاستيك أو البوليتيلين هو نتيجة وجود كهرباء ساكنة نتيجة مرور الماء ضمن هذه الأنابيب، ممَّا يؤدي إلى جذب الشوارد الكلسية أو ذرات الكلس الموجودة في الماء، لتلتصق في سقف الأنابيب، ونتيجة الضخ المتكرر تهبط تلك الطبقات الملتصقة من الكلس في أعلى الأنابيب وتهبط إلى الأسفل لتشكل طبقات كلسية على شكل انسداد وتتراكم أكثر عند التضيقات أو إنعطافات التمديد أو في المناطق المنخفضة، لكن المياه التي تخرج من أنابيب البوليتيلين تخرج بنسبة كلس أقل مقارنة بالمياه التي تخرج من أنابيب الفنط أو الأنترنيت أو الحديد، لأنَّ نسبة كبيرة من الكلس تلتصق أو ترقد في الأنابيب”.
يقول عبد الله الخطيب المسؤول في القسم الكيمياء في مديرية المياه: “طبيعة عملي كمخبري هي أخذ عينات من الماء من عدة مناطق للتحقق من جودتها قبل تقديمها إلى الأهالي عن طريق الشبكة أو عن طريق الآبار الأخرى التي نستثمرها لصالح المديرية وتوزع عبر الصهاريج.
يوجد عندنا مشروعان لضخ المياه إلى مدينة إدلب، من سيجر والعرشيني، وبشكل روتيني نقوم بزيارة المحطات لنضبط مادة التعقيم بالدرجة الأولى التي نضيفها إلى الماء وهي الكلور أو مادة البلكلوريد الكالسيوم أو الصوديوم، فنقوم بإضافة هذه المادة أثاء تعبئة الخزانات بالماء قبل ضخها في الشبكة ولا يمكن ضخ الماء عبر الشبكة إلا بعد إضافة هذه المادة المعقمة القاتلة للجراثيم والطفيليات، فإذا كان هناك أي تسريب غير ظاهر في الشبكة وصار هناك اختلاط فإنَّ مادة التعقيم الموجودة تزيل الجراثيم.
نبحث في مخبر المديرية دوماً عن بكتيريا أسمها اشيليشياكولاي في عينات الماء وهذه البكتريا موجودة في أمعاء كل إنسان، فإذا كان هناك أي خلط في ماء الشبكة بالصرف الصحي فإنَّ هذه البكتريا تظهر عندنا من خلال الزرع الجرثومي.
كيف تعرفون نسبة الكلسيوم في ماء الشرب؟
نعرف النسبة من خلال تحليلنا الفيزيوكيميائي للعينات التي نأخذها من العينات فنخرج نسب الشوارد الموجودة في الماء ومن ضمنها الكلس، وبعد هذه الاختبارات تظهر لنا نسبة الكلس، وهذا تقرير مرفق عن النسب المئوية للمواد الموجودة في ماء سيجر التي تشرب منها مدينة إدلب وأريحا والمسطومة، وعدد من القرى المحيطة بها وقد كانت نسبة الكالسيوم فيها 108 ملغ في لتر الماء، وهذه النسبة أقل من النسبة المسموح بها في سورية وهي 200 ملغ في لتر الماء.
أحياناً يكون طعم الماء كلور فما هو السبب؟
في بعض الأوقات تختلف عندنا ظروف الضخ، من الضخ على مولدات الديزل إلى الضخ عن طريق التوتر، وقد يكون هناك خطأ من فني التشغيل، فعندما يكون عيار ضخ جهاز الكلور على التوتر يكون حجم الماء مناسب لحجم إضافة الكلور، لكن عندما يصبح الضخ على الديزل يصبح حجم الماء أقل، فتكثر نسبة الكلور إذا نسي العامل إعادة تعيير جهاز ضخ الكلور لكي يتناسب مع الكمية الأقل من الماء.
ما سبب تغير لون الماء؟
بالنسبة إلى لون الماء عندما يأتي لونه كالفوار، فهذا نتيجة الضخ القوي، وعندما يكون لون الماء مائل إلى الاحمرار عند أول وصولها فقط، فهذا نتيجة الصدأ في بواري المياه، لكن إذا كان هذا اللون الأحمر بشكل دائم، فهذا يدل أنَّ هناك مشكلة في شبكة الماء في الحي ويجب أخبار شركة المياه لكي تصلح هذا العطل.
ما سبب تلوث الماء من الخارج؟
أحياناً قد يكون سبب تلوث مياه الصهريج هو الصهريج نفسه، فأحياناً يذهب الصهريج لسحب مياه بعض المسابح لتصريفها خارج المسبح، وقد لا يقوم صاحب الصهريج بغسل الصهريج من أثر هذا الماء الملوث، فيسبب تلوثا للمياه النظيفة التي يتم تعبئتها من جديد.
*رأي الدكتور المختص وقراءته للتقرير المخبري
يقول الدكتور جابر الداي اختصاصي في أمراض الجهاز البولي في مشفى العيادات: “يعتبر داء الحصيات البولية ثالث أمراض الجهاز البولي من ناحية الشيوع بعد الإنتانات البولية وضخامة البروستات عند الرجال، يعتبر داء الحصيات البولية شائع عند كل من الإنسان والحيوان، وقد أصاب هذا الداء الإنسان منذ العصور الأولى للحضارة البشرية، وكان هناك العديد من التخمينات حول تشكل الحصيات البولية، من أهم السببيات على حدوثها هو bh) البول)، وتراكيز المثبطات في البول، وأيضاً التراكيز النسبية للشوارد في البول، وأهم هذه الشوارد على الإطلاق هي الكالسيوم، ثم الأكزالات، ثم الفوسفات فالكالسيوم هو الشاردة الرئيسية الموجودة في البلورات البولية، وإنَّ ارتفاع نسبة الشوارد منه للجسم عبر شرب الماء يعتبر عاملا موجبا جداً لحدوث الترسبات البولية، وبالتالي تشكل الرمل والحصى.
لقد لاحظنا حديثاً ارتفاعا ملحوظا في نسبة تشكل الرمل والحصى الكلوي في مناطقنا في إدلب، وتقدر نسبة الذين يعانون من مشاكل ترسب الكالسيوم في الكلى والجهاز البولي حوالي 20% من مراجعي العيادة البولية خلال دراسة إحصائية للمرضى خلال فترة 6 أشهر الأخيرة.
ما هي طرق العلاج؟
هناك طرق عديدة للتعامل مع هذه المشاكل أبرزها، العلاج المحافظ أو الدوائي، والعلاج الجراحي سواء المفتوح أو بالمناظير، وطرق المعالجة بالتفتيت من خارج الجسم ESWL.
بالنسبة إلى معالجة هذه الحالات بالدواء يعتمد على حجم الحصوة ومكان وجودها ونوعها أو تركيبها، في حين إنَّ معالجة الحصيات الكلسية دوائياً يختلف عن معالجة حصيات حمض البول، لكن القاسم المشترك في جميع خطط المعالجة الدوائية يعتمد على الإقلال من المؤهبات، وبالتالي دخول شوارد الكالسيوم للجسم، وبالي فإنَّ شرب الماء الذي يحوي تراكيز منخفضة من شوارد الكالسيوم له دور إيجابي جداً في الإقلال من تشكل الرمل أوالحصى البولية، ويمكن الحصول على ذلك بشرب الماء المفلتر بشكل صحيح أو بشرب الماء بعد الغلي والتبريد وأخذ الماء الصافي من الثلثين العلويين من الإناء وترك الثلث الأسفل من الماء.
نباتات تساعد على الشفاء
هناك بعض النباتات التي يفيد تناولها في الإقلال من تشكل الرمل والحصى وكذلك في طرح تلك الرمال والحصيات وإخراجها من الجسم، مثل منقوع البقدونس أو الخلة أو القرع الرومي أو الزيت الحلو وحمض الليمون أو مصل اللبن أو القرع الأخضر المسلوق، لكن يفضل استشارة الطبيب قبل اللجوء لهذه الأنماط من العلاج، وذلك لإجراء تحاليل طبية لتحديد نوع الرمال أو الحصيات، لأنَّ الاختيار الخاطئ لطريقة المعالجة قد يساهم في زيادة الترسب والتحصي، فمثلا في حصيات حمض البول لا يجوز الإكثار من حمض الليمون أو مصل اللبن، لأنه قد يساهم في زيادة تحميض البول، وبالتالي زيادة الترسب من الذين يعانون من رمل أكزالات الكالسيوم لا يجب عليهم شرب المتة لأنها غنية بالأكزالات وبالتالي تزداد فرص الترسب والتحصي”.
بالنسبة إلى مياه مدينة إدلب تعتبر كلسية، لكنَّها ضمن الحدود المسموحة عالمياً بحسب منظمة الصحة العالمية، وهي 108 ملغ في لتر الماء، بالإضافة إلى أنَّ مياهنا معقمة ونظيفة، فمياهنا تشرب ودون خوف.