مع بدء تطبيق مناطق خفض التصعيد في سورية قبل عدة أشهر، وضعت قوات النظام والمليشيات المقاتلة معه معظم قواتها على جبهات تنظيم الدولة مستغلة توقف جبهاتها مع الثوار رغم استنزافها بشرياً، إلا أنَّ قوات النظام استطاعت إحراز تقدم كبير جداً على حساب التنظيم، واستعان في سبيل ذلك بمعظم تشكيلاته العسكرية والميليشيات الطائفية المساندة له وبقوات خاصة روسية.
وفي توقيت متزامن كانت الوحدات الكردية تتوغل في محافظتي الرقة ودير الزور محققةً
مكاسب عديدة.
ما استطاع النظام تحقيقه في حملته تلك يمكن تلخيصها فيما يلي:
-جغرافياً تضاعفت المساحة التي تسيطر عليها قوات النظام، فمحافظة حمص الأكبر مساحة في البلاد تليها محافظة دير الزور كانتا تحت سيطرة تنظيم داعش واليوم تحت سيطرة قوات النظام ومليشياته، ناهيك عن ريف حلب الشرقي وريف حماة الشرقي وجنوب الرقة وشرق السويداء لتصل نسبة سيطرة قوات النظام على حوالي 46%من مساحة سورية مقارنة ب 19 %فقط قبل التدخل الروسي ، وفي حال وصلت قوات النظام إلى الحدود العراقية تكون إيران فعلياً قد استكملت وصل الهلال الشيعي برياً من طهران إلى بيروت مروراً ببغداد ودمشق.
-اقتصادياً استعاد النظام السيطرة على عشرات آبار النفط والغاز ومناجم الفوسفات، ما يعني موارد مالية ضخمة ستصب في خزائنه، ما يسهم في تقليل الاعتماد على المساعدات الإيرانية.
-عسكرياً استطاع النظام فك الحصار عن معسكراته ومطاراته المحاصرة من قبل التنظيم كمطار ال T4 والسين ودير الزور واللواء 137 ممَّا يجعل قواته في وضع أفضل، حيث أعاد وجوده العسكري شرق البلاد من جديد، فاللواء 137 ومطار دير الزور العسكري والأحياء السكنية المجاورة له كانت محاصرة منذ أكثر من أربع سنوات.
لا شكَّ أنَّ ما جرى من إطلاق يد النظام شرق سورية جزءٌ من اتفاقات وتفاهمات دولية بين روسيا والولايات المتحدة التي طالبت صراحة دون مواربة من الفصائل المقاتلة التي تدعمها بالتوقف عن قتال قوات النظام، وتسليم بعض المناطق لقوات النظام، والانسحاب إلى داخل الأردن بحجة المحافظة على سلامتهم، وربَّما الهدف من ذلك إعادة تأهيل النظام من جديد ومده بجميع مقومات الحياة.
إن كان هناك من الفصائل من مايزال يملك زمام أمره، فعليه أن يستغل فرصة المعارك في شرق سورية وفتح المعارك والجبهات على قوات النظام؛ لإفشال المخططات الرامية لتصفية الثورة، فالثوار اليوم أمام فرصة تاريخية لقلب المعادلة وإعادة الهيبة للثورة، وإلا سيصفِّي نظام الأسد ما تبقى من جيوب للثوار من جنوب البلاد إلى شمالها بعد الانتهاء من معاركه شرقاً.