كشفت صحيفة الغارديان في تقرير لها ترجمته صحيفة حبر أنه تم حظر أكثر من 80٪ من قوافل المساعدات السورية التابعة للأمم المتحدة أو تأخرت الشهر الماضي، حارمةً بذلك الملايين من الناس من الإمدادات الأساسية في بعض المناطق الأكثر تضرراً في البلاد.
حيث وصلت 6 قوافل فقط حتى الآن وجهاتها، وبعض تلك القوافل التي دخلت عن طريق السلطات السورية قد فُرغت منها كميات كبيرة من الأدوية والمعدات الجراحية من شاحنات المساعدات.
وسيتم شرح الوضع البائس في تقرير للأمم المتحدة الذي من المقرر أن يصدر في غضون أسابيع، والتي ستحدد فيه الصعوبات التي تواجهها والممارسات التي أثرت على المحاصرين في جميع أنحاء سوريا.
وقد تحدث هيلينا فريزر، وهي مسؤولة كبيرة في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): “إنه لأمر مروع.. أن العمليات العسكرية والقصف المستمرة يمنع وصول المستلزمات الصحية للمناطق المحاصرة وهو ما يمكن أن أدعوه فقط (بالكارثي) “.
وتشهد عدة مناطق يسيطر عليها الثوار قصفاً عنيفاً، وخصوصاً أحياء شرق حلب ، حيث طلب المسعفون هناك الحصول على إذن لإجلاء أكثر من 800 شخص من المرضى والجرحى، بما في ذلك 261 طفل ، ويعتقد أن أكثر من 300 شخص لقوا حتفهم في العمليات العدائية الأخيرة على هذه الأحياء.
وتابعت الغارديان في تقريرها أن الأمم المتحدة لم تستطع الوصول إلى شرق حلب منذ 7 تموز الماضي، وبعد فشل الجهود الدبلوماسية حتى الآن فإن الولايات المتحدة تدرس خيارات استراتيجية “خطة بديلة” لتشمل عقوبات أكثر صرامة ضد المؤسسات والأفراد الروسية والسورية.
غير أن الموافقة على وقف إطلاق النار أثارت في وقت سابق من الشهر الماضي الآمال في أن الحل السياسي في سوريا أمر ممكن، وتوقف مؤقتاً القتال مما جعل فرص الحصول على المساعدات والوصول إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها أمراً ممكناً.
وقد كشفت الغارديان أن الحكومة السورية وافقت على السماح للأمم المتحدة وشركائها على إدخال 33 قافلة في أيلول الماضي للمناطق المحاصرة وكان قد تم الحصول على خمس عشرة موافقة كاملة وأعطيت بعض القوافل الضوء الأخضر بالعبور بعد خلافات ثانوية حول حجم المساعدات المطلوبة ليتم إرسالها، ومع ذلك فقد قالت الأمم المتحدة أنه لم يسمح لها بتحريك القافلة الأولى قبل 19 أيلول.
هذا وقد نُفذ هجوم على أحد القوافل التي لم تدخل بعد، ويعتقد أن طائرات روسية في منطقة ريفية يسيطر عليها الثوار قرب مدينة حلب هي من نفذت الهجوم الذي أوقع قتلى من عمال الإغاثة ، كما دُمرت شاحنات وكان هناك أضرار بالغة في عيادة طبية ومستودعات حيث كان يتم تفريغ الإمدادات فيها.
ومنذ ذلك الحين، أُجبرت قافلتان على الوقوف عند آخر نقطة عبور بسبب مخاوف أمنية، كان مقدراً لأحداها أن تذهب إلى الرستن، (23km) إلى الشمال من حمص، ولاكنها عادت بعد تقارير تفيد أن الطريق كان ملغماً وبين التقرير أن المناطق المحاصرة التي تلقت شحنات هي معضمية الشام، مضايا، الزبداني، الفوعة، كفريا والوعر، تلبيسة فقط
وكانت القوافل معدة لتزويد 240،000 شخص بإمدادات الغذاء والمياه والمستلزمات الصحية والطبية، ولكن تم منع الأمم المتحدة وشركاؤها من إدخال معظمها.
فقد كشف التقرير من مصادره أن إحدى القوافل التي كانت متجهة الى تلبيسة، تم إزالة المستلزمات الطبية المتعلقة بالجراحة، والحروق منها ومستلزمات المشافي النسائية “الولادة” أيضاً وبعض الأدوية أثناء التفتيش، وقد منعت السلطات السورية دخول الإمدادات الطبية المخطط إدخالها إلى معضمية الشام وبذلك أختصرت نصف كمية المساعدات المعد تسليمها للمحاصرين
وقد كشفت المصادر الأممية للغارديان، أن الحكومة السورية إزالة 11.5 طنا من المعدات الطبية، بما في ذلك 48205 نوع من العلاجات الموجودة في القافلة المخصصة لمضايا والزبداني، كما منعت 1.5 طن من الإمدادات الجراحية والأدوية قبل تحميلها في شاحناتها، كما أن النظام السوري لا يسمح بتحميل بذور الخضروات والمواد الجراحية المخصصة للمحاصرين في حي الوعر.
وقالت فريزر، التي ترأس مكتب الأوتشا الإقليمي للأزمة السورية، “نشعر بالغضب لمنع دخول المعدات الطبية الروتينية، ونحن مطاردون في عملنا من كلا الطرفين، وقد عبر عن ذلك بأنه أمر فظيع للغاية، ولكننا أمام خيار وحيد هو الصبر والاستمرار بالمحاولة.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الأمم المتحدة أن موافقة الحكومة السورية لدخول القوافل إلى تلك المناطق جاءت بعد أسبوع مما كان متوقعاً، مع عدم تحقيق ضمانات لأمن هذه القوافل على أرض الواقع، وذلك خلال فترة عيد الأضحى والعطلة الإدارية للجهات الأممية، كما أن القوافل وصلت في وقت متأخر جدا، وليست بالأرقام التي كنا قد جهزناها وطلبناها وأعددنا لها”.
وقالت فريزر: “إنه لا يمكننا أن نذهب إلى مستودعاتنا ونحمل الشاحنات ونذهب بمفردنا”، وأضاف ” لقد مُنعنا عن القيام بذلك “.
وقالت واصفتاً الوضع: “إن كنت من المنظمات غير الحكومية السورية قد تتعرض للقصف على جبهات حلب الشرقية أو سواءً كنت عامل لدى الأمم المتحدة تجلس في دمشق أو ترافق القوافل عبر خطوط النزاع أيضاً قد تتعرض للخطر، نحن جميعا نخاطر، وأرهقنا عقلياً بسبب بعض المواقف التي تعرضنا لها “.
وقد تفاقم الوضع المتدهور في سوريا نتيجة القصف المستمر في شرق حلب وأدت الرهانات السياسية إلى تطورات جديدة في الأيام الأخيرة، مع اتهامات مباشرة لروسيا بارتكاب جرائم حرب بسبب دعمها للرئيس السوري بشار الأسد.
وفي بيان لمجلس الأمن نشر الخميس قالت الأمم المتحدة عبر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين: “لقد أصبح من حقنا أن نتساءل ما حجم الكوارث والموت الذي يمكن أن يقدمه الشعب السوري لطرفا النزاع لإيقاف هذا الصراع، كما دعا المجتمع الدولي لوضع خطوط حمراء يمنع فيها جميع الأطراف من تجاوزها.
وأضاف أوبراين مع ذلك، فقد وُضعت الأمم المتحدة تحت ضغط مكثف في الأشهر الأخيرة، من قبل منظمات الإغاثة وجماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية متهمين الأمم المتحدة بأنها متواطئة جداً مع تصرفات الحكومة السورية.
هذا وقد علقت أكثر من 70 منظمة إغاثية عملها للتعاون مع الأمم المتحدة في سوريا وطالبت بإجراء تحقيق فوري وشفاف في عملياتها الإنسانية بسبب مخاوف من أن الأسد قد كسب نفوذاً “مالياً وإدارياً كبيراً يتعلق بجهود الإغاثة الأممية”.
وكشفت صحيفة الغارديان أيضاً أن الأمم المتحدة قد منحت عقدا بقيمة 10 ملايين دولار لأفراد مرتبطين بشكل وثيق مع الأسد، منهم رجال أعمال يملكون شركات فرضت عليهم عقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وتصر الأمم المتحدة أنها لا تزال محايدة، ولكنها ترفض حتى الآن الدعوات لإجراء تحقيق شفاف يكشف علاقتها مع دمشق.
وقالت فريزر أن الأمم المتحدة صدمت “عند كل منعطف” وخصوصاً عندما رفضت الحكومة السورية تسهيل دخول المعدات الطبية وبين أن الالتزام بهذه القرارات لا يعني أننا موافقين عليها… كما أننا رفعنا مؤخراً اعتراضاً شديداً للدول الأعضاء في مجلس الأمن، للضغط على جميع الأطراف خلف الأبواب المغلقة وخصوصاً الذين لديهم تأثير على الحكومة السورية، بما في ذلك الروس، الذين كانوا مفيدين في بعض المناسبات “. وأضاف فريزر: “ليست هناك خيارات سهلة، وخصوصاً عندما نكون في محاولة للعمل في كل المناطق، وهو ما نحاول القيام به.”
وقد صرحت فريزر أن الأمم المتحدة، وشركاءها، قد تمكنت من الوصول إلى العديد من المناطق التي يسيطر عليها الثوار كما المناطق التي يسيطر عليها النظام مع خلال “تقاطع” دخول قوافل المساعدات في كلا الاتجاهين زمنياً وأضاف “نحن نعمل مع منظمات غير حكومية لديها أشكال مختلفة من الوصول، وعلى نطاق واسع.”
وقالت فريزر أن “الهجوم المستمر” على عمال الإغاثة في سوريا والصعوبات في الحصول على موافقة لتقديم المساعدة للملايين من الناس الذين هم بحاجة إليها كانت نتيجة “فشل كامل للإرادة السياسية لحل الأزمة”. وأن “كل الأطراف في هذا القتال ينتهكون القانون الدولي الإنساني.”