إيران تُعري سلوكها ودوافعها

غسان الجمعة

0 1٬485

 

توسَّعت إيران في الشرق الأوسط عبر ميلشياتها كالنار في الهشيم حاملةً لواء مظلومية الحسين وتصدير ثورتها لتحرير الشعوب من استبداد الظالمين والمستبدين كما تدَّعي، وقد سيطرت حسب زعمها على عواصم عربية عديدة، فضلاً عن مدِّ نفوذها في أقاليم ومناطق في جوارها لتكون لها الكلمة الفصل فيها.

هذه السياسة والعقيدة التي اكتسحت فيها إيران مناطق نفوذها اليوم كانت حتى الماضي القريب وسيلة تستغل من خلالها أطرافًا لتكسب انحيازها لها، وتتذرع بها تارة لتحقيق أهدافها ومصالحها، كما أنها نجحت بصناعة ميلشيات وأحزاب مسلحة على أرضية الولاء المطلق لولاية الفقيه، التي باتت اليوم محل شك وريبة؛ لاتباع طهران سياسات مفاجئة بدوافع مبهمة ومتعارضة مع دول الجوار الإيراني بعيدًا عن بواعثها الفكرية وركائز عقيدتها السياسية.

البداية من الحدث الأقرب وهو تصعيد إيران العسكري على الحدود مع أذربيجان ذات الأغلبية (الشيعية) وهو المذهب نفسه الذي تدين به إيران وتسعى لنشره وتتبنى الدفاع عن أتباعه بإيديولوجيا عابرة للحدود، إلا أن طهران هددت أذربيجان عسكريًا، وتحدث جنرالاتها عن تدمير العاصمة باكو بالصواريخ.

إلهام أحمد: واشنطن أوضحت لنا كل شيء وهي باقية في سورية

وفي السابق كانت طهران قد دعمت أرمينيا في حرب كاراباخ ضد أذربيجان التي ترتبط بإيران عرقيًا ومذهبيًا دون أي حُسبان لحقوق جارتها المضطهدة، التي كانت تحتل أرمينيا جزءًا من أراضيها.

ومن جهة أخرى تتخذ طهران حتى اليوم موقفًا غامضًا من الحكومة الوليدة في جارتها أفغانستان على الرغم من التقارب بين أنظمة الحكم بين الطرفين كونهما حكومات ذات نظام ثيوقراطي إسلامي على الرغم من اختلافهما المذهبي، كما تشتركان بالعداء للولايات المتحدة!

إن بطء نمو مشاريع إيران في كل من سورية واليمن وزعزعته بالعراق من خلال انتفاض العراقيين بثورتهم على أزلام إيران وميلشياتها، وانتهاج الحكومة العراقية منحى أكثر وطنية، ومحاولة الابتعاد عن وصاية الفقيه، كل ذلك هو نتيجة كشف الشعوب حقيقة السياسات التي تحاول طهران خدعها بها عبر تقيتها الدينية، حيث تخفي وراءها أطماعًا قومية واستغلالية في منطقة الشرق الأوسط.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

إن طهران باتت اليوم مضطرة لاتباع أساليب أكثر ديناميكية في تعاملها الإقليمي، وإلا ستجد نفسها محاصرة بجيرانها، وستقتل نفسها بزيف عقيدتها، وهو ما لا تدركه عمائم قم وعباءة الفقيه، وسينمو التيار الداخلي الذي يهدف لتخليص طهران من براثن مجرميها بالتزامن مع ظهور تيارات معارضة لها بشكل أقوى في مناطق نفوذها الخارجية لأسباب تتعلق باختلاف رؤية طريقة بناء التحالفات والشراكات، وكذلك تحسين الأوضاع الاقتصادية.

وفي تحدٍّ آخر يفرض على إيران نفسه هو اختلاف آليات الصراع والتنافس في المنطقة، فالتقارب الروسي التركي في سورية يهمش إلى حدٍّ ما دور طهران، كما أن تعثرها المستمر حول ملفها النووي يفتح المجال أمام قوى أخرى لتعزيز مواقعها في الحسابات الإقليمية.

إن التستر الإيراني خلف عباءة الدين فضحه موقفها من قضايا كثيرة في المنطقة، مما يعني أن نفوذها قائم على المصالح المادية وليست الأسس العقائدية، وهو ما يفسر استمرار البعض الدوران في فلكها، وهنا يمكننا التساؤل عن تداعيات هذا السقوط على الخريطة السياسية للشرق الأوسط.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط