الأعراف التي تصنع التغيير هي ممارسات:
– محددة يمكن قياسها خلال المسير
– مطبقة بشكل جماعي ومستمر
– تحقق القيم والمصالح
لتقريب الفكرة..
إذا كان هدفك إنقاص وزنك الفتان.. فإنك إذا وضعت مقياس (كل شهر ينقص الوزن 2 كيلو) هذا مقياس محدد لكن لا يمكن قياسه إلا بعد الانتهاء من العمل.. وليس خلال مسيرك الدائم.. لا يستطيع أن يوجهك وأنت على الطريق..
أما إذا كان المقياس (المشي يومياً 10 آلاف خطوة) فإن هذا مقياس تنبؤي يمكنك قياسه خلال المسير ويخبرك بشكل فوري وأنت على الطريق كيف هو أداؤك..
المشي هو عمل تحتاج أن تفعله باستمرار لمدة كافية.. أما نقص الوزن فإنه ليس شيئاً تفعله.. بل نتيجة لشيء تفعله..
الأعراف تشبه هذا المنطق..
مثلاً لدينا قيمة احترام الكبير.. كيف نبني لها أعرافاً تحملها؟
١ – تحديد أعراف تفصيلية “ممارسات تفصيلية تطبيقية” تقع في دائرة تأثيرنا، إذا فعلناها فإن مؤشر احترام الكبير سيتحرك للأفضل..
مثلاً (القيام لكبار السن في وسائل المواصلات العامة ليجلسوا مكاننا) هذا العرف محدد جداً قابل للقياس خلال مسيرنا لتحقيق قيمة احترام الكبير والرحمة به، وهو في دائرة تأثيرنا، وليس نتيجة لاحقة نراها..
– نطبقها بشكل جماعي ومستقر..
هذه عقدة جوهرية لإنشاء الأعراف، نحتاج تواصي ضخم بهذا العرف التفصيلي (مثل القيام لكبار السن في وسائل المواصلات) أن نتجرأ ونطالب الآخرين به وننشئ ضغط اجتماعي على من يخالفه..
ونستخدم كل الوسائل والأدوات والمبادرات والخطاب الذي يجعل هذا العرف التزام جماعي مشترك يصعب مخالفته من قبل الأفراد بعد فترة.. أشبه ما يكون بقانون ناعم..
نحتاج هنا إلى تصميم خطة كاملة من أجل تحويل الأعراف إلى التزام جماعي متوهج..
– يحقق القيم والمصالح معاً..
يجب أن تكون الأعراف التفصيلية فيها تلبية لقيمة واضحة وأن نرى العلاقة بين العرف والقيمة وتكون مقنعة وفعلية.. حتى يكون للعرف قوة ملهمة.. يعني أن نعتقد فعلاً أن القيام لكبار السن في الباص يجسد فعلاً قيمة الاحترام..
وأن نصمم الأعراف التفصيلية بحيث تحقق مصالح حقيقية للناس.. سيتخلى الناس عن العرف إذا كان ضد مصالحهم أو لا يبالي بمصالحهم..
في العمل الجماعي.. في العمل الوطني.. في الأسرة.. بين الأصحاب..
أعتقد أننا في مرحلة نحتاج أن نفكر بأعراف ذات تأثير فائق.. ممارسة محددة لكنها ضمن المعطيات تحقق نتائج كبيرة..
يمكن للشباب أن يمتلكوا مهارات وأدوات قوية في العمل الجماعي.. لكن إن لم يمتلكوا أعراف العمل الجماعي فإن تلك المهارات والأدوات ستوضع على الرف.. أو يتم استعمالها من أجل تقويض العمل الجماعي..
من المهم برأيي لكل مجموعة تعمل أن تحدد ما هي الأعراف الأساسية لعملها ضمن ظروفها وطبيعة أشخاصها.. فالأعراف هي تفاعل حي بين معطيات الواقع وبين قيمنا وأهدافنا التي نحملها.. هي عقد بين الناس المشاركين يجعلهم على صفحة واحدة..
والمدخل القرآني للتغيير من خلال الأعراف: ((خذ العفو واءمر بالعرف))