الإجماع على مفتي الطائفة المذبوحة

علاء العلي

0 3٬545

 

أصدر رأس النظام السوري منذ فترة قرارًا يلغي بموجبه صفة مفتي الجمهورية عن أحمد حسون، مبررًا حينها الخطوة بسن قانونية قد تجاوزها، لكن لإزاحة المفتي واستبداله بمجلس فقهي يضم  خليط مذاهب،  جعل الوقف السني الأكبر في الأصول مضمحلًا، ليذوب مع تلك المذاهب ويتلاشى معه الكثير من المعالم، كل ذلك لمصلحة مخطّط إيراني واضح المعالم، بدأ في العراق والتهم الوقف السني هناك ومعه جميع الأصول والأملاك؛ لتتحول لمصلحة المنظومة الإيرانية الساعية لابتلاع كل معلم سني عربي في مخطط لتغيير ديمغرافي يبدأ بابتلاع رمز الإفتاء بالبلد وينتهي باحتلال وتزوير ممنهج كالقرار 66 لعام 2012  القاضي بتنظيم العقارات، وهو ما يعني انتقال ملكية كثير من أملاك المكون السني ممثلاً بالوقف وجمهوره للشيعة الوافدين لسورية وتجنيسهم، تتمدد فيه ميلشيات إيران بغطاء رسمي من النظام الميسر لهم بوجود شهود الزور من طائفة السنة المصادرة الرأي والقرار.

في إدلب..الأمن العام يلقي القبض على خلية تابعة لنظام الأسد

هذه الجريمة التي تأتي ضمن سياق مخطط التشييع وابتلاع المكون العربي السوري السني انتبه لها المجلس الإسلامي السوري، الذي قام بانتخاب مفتي سورية وإعادة الأمور لنصابها القويم، ليخرج ببيان يعلن فيه الاجماع على الشيخ (أسامة الرفاعي) مفتيًا للجمهورية عن طيفها الأوسع.

اقتناص اللحظة التاريخية بدهاء، وما رافق الخطوة  من إجماع النخب السورية المعارضة، فنوعية الشيخ ومكانته أعطته زخمًا قويًا، ليصبح أول شخص يحقق اجماعًا يكاد يكون فريدًا من نوعه على المستوى المجتمعي السوري المعارض بتلون اتجاهاته ، فتقويض مخطط النظام ومن خلفه الايرانيين قد تحقق بالفعل بعد هذه الخطوة، وسحب الشرعية عن مجلس فقهاء مفصّل على مقاس الأسد بات مكشوفًا للعلن ، ليسحب معه الشيخ أسامة البساط من تحت هؤلاء ، و ليظهر عدم مشروعية وبطلان أي تغييرات مذهبية قد يمررها وزير أوقاف النظام عبد الستار السيد و يمررها خدمة لحاكمه ومشغليه.

الاجماع الفريد على الشيخ أسامة الرفاعي وما تلاه من خطاب معتدل يعيد الثقة بالمعارضة، ويبرز إمكانية تحقيق إجماع آخر على مستوى السياسي و العسكري في درب التحرر من نظام دمشق ، وما كان مستحيلًا بالماضي قد يتم تحقيقه بالمستقبل ، فالخطوة الأخيرة هي جزء مهم من سلسلة خطوات ترتقي بحالة المعارضة نحو حالة أكثر تآلفًا و تماسكًا للوقوف على عدة استحقاقات سياسية وعسكرية، فالنظام السوري المنبوذ غربيًا، كما صرحت عواصم أوروبا و أمريكا وعدة دول عربية وتهديدات واشنطن بعمليات التطبيع المداهن لروسيا مع نظام الأسد ، فضلاً عن إقصاء النظام من الجامعة العربية وعدة مؤسسات دولية، كل هذه الأسباب تدعم فكرة الاصطفاف السياسي والفصائلي وحتمية التكتل من جديد للوقوف على استحقاقات مفصلية تظهر فيه قوى الثورة أكثر تآلفًا ، تستطيع الانخراط بصيغة الحل الدولية من جديد، وتحقق استدامة وتآلفًا يعيد وزن المكونات بشكلها الواقعي، و يتحدى تجانس النظام الأقلوي الذي غاب عنه أكبر مكوناته تارة بالإقصاء و تارة بالتهميش الهادف للقضاء على كل صوت معارض قد يشكل يومًا ما عودة لأحداث 15 آذار من عام 2011.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

استعادة الهوية السورية، والحفاظ على عمقها العربي الاسلامي المعتدل، تحدٍّ قاسٍ تمر به سورية ، يحتاج تشبيكًا مع العرب ومع المنظمات الإسلامية كالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي دعم خطوة تنصيب المفتي الجديد ، فالخوف على مستقبل سورية هاجس كبير يتشاطر معه الجميع ، يحتاج نهضة فكرية ترتقي بحجم تطلعات المكون الاكبر وتحقق أهدافه بالوصول لنظام حكم يحتوي الجميع و يعيد لكل ذي وزن وزنه الطبيعي، ويزيل أي شرعية عن هوية دينية  غريبة لسورية التي تعيش تغييرًا قسريًا لا تقبله الغالبية مطلقًا بحكم تاريخها وحضارتها القديمة.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط