الاغتراب في قرارات السلطة وسلوكها

غسان الجمعة

الاغتراب السياسي
0 1٬225

أعلنت الحكومة السورية المؤقتة بحضور رئيسها عبد الرحمن مصطفى وممثلين عن الائتلاف السوري إطلاق هيئة الرياضة والشباب في المناطق المحررة بعد عام من التحضير والإعداد لإخراج هذه الهيئة إلى النور هذا الإعلان أثار جدلاً بين السوريين حول فائدة وضرورة هذا القرار في ظل هذه الظروف؟

لا ينكر أحد أهمية الرياضة وحشد وتنظيم الطاقات الشبابية في المجتمع ولسنا هنا بمعرض تقييم هذا الإعلان بقدر ما نحن بحاجة لفهم آلية عمل الحكومة واستراتيجيتها في المناطق المحررة ومدى انسجامها مع احتياجات الشارع وتطلعات المجتمع.

وفي مثال هذا الإعلان يفترض من الحكومة المؤقتة أنها قد لمست فراغاً رياضياً لدى الشباب السوري في المناطق المحررة وطاقات مهدورة ومشتتة للشباب السوري ومن المفترض لملمتها تحت مظلة مؤسساتية ترعاها.

المونيتور: تركيا تأمل أن تخدم حرب أوكرانيا مصالحها في سورية

قبل توضيح الموقف الحالي للعنصر الشبابي في المناطق المحررة لابد لنا من القول: إن الآراء والسلوك الجمعي السياسي والاستهلاكي والثقافي لأي مجتمع ليس سلوكاً عشوائياً في تشكله وإنما هو نتيجة تراكمات متشابهة لكثير من المواقف والاحتياجات أو المطالبات التي تصدر عن طبقة محددة أو أصحاب تيار فكري معين أو نقابي مهني أو غيرها من الفئات.

حيث تعتبر مواقف هذه الجماعات عنصراً فاعلاً في الرأي العام وتتحدد قوة تأثيرها فيه حسب حجمها واهتمامها ودورها الاجتماعي ومطالباتها لدوائر الحكم والسلطة حيث يقوم هذا السلوك على مصلحة موضوعية مثل – رفع الحد الأدنى للأجور- ضمانات صحية- تأمين سكن – حد من الهجرة- دعم.. ومصلحة أخرى هي مصلحة مثالية تقوم على مجموعة المفاهيم والقيم والمعتقدات والأهداف الذي تجتمع عليها هذه الشريحة وتؤمن بها.

لذلك فإننا نجد في كل الأنظمة السياسية وحتى الديكتاتورية منها أن حكوماتها وكتلها البرلمانية وبرامج أحزابها ليست سوى مرآة تعكس اهتمامات الفئات والطبقات الاجتماعية ومطالبات الناخبين وغيرهم من قوى المجتمع المدني.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

وهنا لابد أن نسأل عن احتياجات الشباب السوري خلال هذا العام على الأقل وما هي تطلعاتهم وآمالهم لمستقبلهم وهل تلتقي مصالحهم الموضوعية والمثالية في هيئة الرياضة والشباب على رأس سلم أولوياتهم الحالي؟

إن الفرق الشاسع بين احتياجات الشباب السوري في المناطق المحررة الذي يحارب في قاعدة هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية على الغذاء والأمن والأسرة والمورد وبين رأس الهرم الذي تتربع سياسات الحكومة المؤقتة عليه يعكس الهوة بين شعور المواطنة وسياسة السلطة في المناطق المحررة.

إن العقد الاجتماعي الذي يمر به الإنسان السوري اليوم هو الأسوأ على مر التاريخ حيث لا تلتقي رغبة المحكوم وحاجته مع سياسة الحاكم وممارسته في أدنى صور التعايش الإنساني إذا افترضنا وجود الرابطة التشريعية (المفقودة حالياً) بين الطرفين.

لذلك فإن تطبيع العلاقة بين الفرد والسلطة خطوة ضرورية يجب أن تعمل عليها الحكومة المؤقتة من خلال المجالس والنقابات والأحزاب والتيارات لبناء آلية تضمن أن يتحول فيها السوريين من مواطنين متأثرين بسلطة أصحاب القرار إلى أفراد مشاركين في صناعته ينطلق البناء وفقاً لاحتياجاتهم وظروفهم من أصغر وحدة مجتمعية ممثلة إلى أعلى سلطة وليس العكس عندها يكون الفرد فيها صاحب المصلحة بأي قرار و بإمكانه قياس التغذية الراجعة لحراكه و قوة أثره من خلال سرعة و مدى استجابة السلطة لمطالبه.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط