كشفت صحيفة القدس العربي عن تحضيرات لعقد قمة خماسية رفيعة المستوى في العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء المقبل، تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اللبناني جوزف عون، إلى جانب الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، في أول لقاء مباشر من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت للصحيفة، جاءت المبادرة بعقد القمة باقتراح سعودي، ولاقَت ترحيباً من الرئيس الأميركي الذي يقوم بجولة إقليمية تشمل عدة عواصم خليجية. وتُثار تكهنات حول احتمال إعلان أميركي رسمي يعترف بقيام دولة فلسطينية بدعم سعودي مباشر، وهو ما تعتبره الرياض “إنجازاً استراتيجياً” ضمن رؤيتها لإعادة رسم التوازنات الإقليمية في مرحلة ما بعد الأزمات.
قضايا ساخنة على الطاولة
ومن المتوقع أن تركز القمة على جملة من الملفات الحساسة، أبرزها مستقبل الأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي، والتسويات السياسية في سوريا ولبنان، إضافة إلى ملف التطبيع العربي الإسرائيلي والعقوبات المفروضة على دمشق. كما سيُناقش مستقبل الدور الإيراني في المنطقة، والوجود العسكري الأميركي، والملف الكردي في شمال شرق سوريا.
تحرّك سوري باتجاه واشنطن
بالتوازي مع هذه التحضيرات، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن اتصالات دبلوماسية سورية مكثفة تهدف إلى تهيئة الأرضية للقاء مباشر بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس ترامب. ووفقاً للتقرير، بعث الشرع برسالة رسمية إلى البيت الأبيض يطلب فيها عقد اجتماع ثنائي على هامش القمة، مقدماً رؤيته الخاصة لإعادة إعمار سوريا، ضمن خطة مستوحاة من “خطة مارشال” الأميركية الشهيرة لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وتقترح الرؤية السورية الجديدة منح الأولوية لشركات أميركية وأوروبية في مشاريع إعادة الإعمار، وتأسيس شركة نفط وطنية سورية تُدرج في البورصات الأميركية، بما يضمن جذب استثمارات غربية طويلة الأمد، والابتعاد عن الهيمنة الصينية أو الإيرانية في الاقتصاد السوري.
خطوات ميدانية لطمأنة المجتمع الدولي
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر متعددة أن إدارة الشرع بدأت بالفعل باتخاذ خطوات عملية لإظهار حسن النية تجاه المجتمع الدولي، من بينها اعتقال عدد من قادة حركة الجهاد الإسلامي داخل الأراضي السورية، واستمرار قنوات التواصل غير المباشر مع إسرائيل عبر وسطاء عرب، في ما يُعد تحولاً لافتاً في السياسات الأمنية والخارجية السورية.
رسالة تهنئة وتطلع لعهد جديد
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد هنّأ دونالد ترامب على تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في يناير الماضي، في رسالة رسمية نُشرت على وسائل الإعلام السورية الرسمية، جاء فيها:
“نحن على ثقة بأنه القائد الذي سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط ويعيد الاستقرار إلى المنطقة”،
معرباً عن تطلع دمشق إلى “إقامة شراكة حقيقية مع الولايات المتحدة، تقوم على الحوار والتفاهم والمصالح المشتركة.”
تحديات القمة: ملفات معقّدة وتوقعات عالية
إذا عُقدت القمة بحضور الشرع، فستكون أول اختبار علني للمسار الجديد في العلاقة بين دمشق وواشنطن، وسط شبكة معقدة من القضايا الإقليمية، تشمل مستقبل العقوبات الأميركية على سوريا، الأمن الإسرائيلي، مصير المقاتلين الأجانب، وتحديات دمج الأقليات في العملية السياسية، في وقت تأمل فيه الرياض أن تلعب دور الوسيط المحوري في صياغة خريطة شرق أوسطية جديدة.