العقبات الأمريكية أمام التطبيع التركي مع الأسد

بقلم: غسان الجمعة

1٬177

لم تسفر زيارة وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو الأخيرة لواشنطن عن تقارب وجهات نظر في سياق الملف السوري مع نظيره الأمريكي، حيث لاتزال الخلافات بين الطرفين قائمة فيما يخص شرق الفرات والتحركات التركية الرامية إلى تفاوض مباشر مع دمشق ورفع مستوى التطبيع السياسي معها برعاية روسية إيرانية.

وتتعامل الإدارة الأمريكية الحالية بحذر مع خطوات التطبيع مع النظام السوري من منظور مصلحتها، وما قد تؤدي إليه خطوات التطبيع مع الأسد وبالنسبة لها ليست كل الدول سواء في هذه الخطوة والسياسة الأمريكية اتجاه بعض الدول الخليجية التي أعادة علاقاتها مع النظام السوري تُسفر بشكل واضح عن هذا التباين.

فالمنحى التركي بالاتجاه نحو الانفتاح على علاقات مع النظام السوري يختلف بالنسبة للولايات المتحدة عن سلوك الإمارات وعُمان والأردن في إعادة بناء علاقاتها مع النظام السوري، وذلك لأسباب عديدة ترتبط بالوجود الأمريكي في سورية ومصالحها الجيوسياسية في المنطقة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

الحماسة الروسية اتجاه لعب دور الوساطة بين أنقرة والأسد دون الولايات المتحدة تهدد بشكل مباشر الوجود الأمريكي وشراكتها مع تنظيم قسد لاسيما وأن إيران حجزت مقعدها على طاولة التطبيع التي لم تتضح معالمها لليوم فيما إذا كانت خطوة تكتيكية أم استراتيجية حقيقية بهدف الوصول لتسوية ترضي الأطراف بعيداً عن الاعتبارات الأمريكية.

من جهة أخرى تدرك واشنطن ومن خلفها تل أبيب أن أي صيغة تقارب بين تركيا والنظام السوري ستعمق المخاوف الإسرائيلية على حدودها الشمالية عندما تتحول النقاط الساخنة بين المعارضة السورية المدعومة من أنقرة والميليشيات الإيرانية إلى جبهات ساكنة باعتبار أن أحد المطالب التركية في مسار التطبيع هو توفير مناطق آمنة لعودة اللاجئين.

وإن التحركات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا وإيران في هذا الإطار من منظور استراتيجي هي سبب إضافي لجملة أسباب عديدة تدفع بأنقرة نحو المحور الروسي على حساب الشراكة التركية مع الغرب عسكرياً واقتصادياً والذي يتعامل مع الملف السوري ضد المصالح التركية وبمفهوم آخر فإن العزلة التي تحاول الدول الغربية فرضها على روسيا بسبب الحرب الأوكرانية يتم كسرها بمزيد من المغريات الروسية لتركيا وتكبيل مواقفها مستقبلاً بمصالح وشراكات مهمة للإدارة التركية في ظل متغيرات دولية حساسة وخطيرة.

إن مساعي التطبيع بقيادة روسية بين أنقرة والنظام السوري ستتناول مسائل تخضع لقرارات و بنود حل دولية سواء فيما يتعلق بالحل السياسي أو مشكلة اللاجئين و فرص التعاون الاقتصادي التي تشكل للنظام السوري اليوم أولوية مهمة في ظل عقوبات دولية مفروضة عليه و الوصول لأي صيغة تطبيع بخصوص هذه المحاور هو تحد للإرادة الدولية و قراراتها الشرعية تُبرز روسيا من خلالها قدرتها على تحدي ما تسميه نظام الهيمنة الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وهو ما تؤكده التصريحات الأمريكية المستمرة عن خطورة التطبيع مع النظام السوري و أن الحل يكمن في تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.

إن التحدي الحقيقي الذي يمكن أن تعارض فيه تركيا المصالح الأمريكية في الملف السوري ربما لن تتكشف معالمه لما بعد الانتخابات الرئاسية التركية وهو ما تنتظره كل الأطراف المعنية بورقة التطبيع التركي مع نظام الأسد و التي قد تكون ورقة انتخابية للرئيس التركي أردوغان لا أكثر..

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط