النسوية والرقص تحت المصطلح

أحمد وديع العبسي

0 1٬442

في الحديث عن النسوية تبرز تيارات متعددة تتحدث عن نسويات مختلفة وليس نسوية واحدة متطرفة كالتي تحدثنا عنها، نسويات تبحث عن حقوق المرأة فقط دون الإساءة للمجتمع أو للمرأة باسم الحرية، ودون أن تدعو إلى العهر والانفلات الأخلاقي وهدم القيم المجتمعية والدينية، كما تقول بعض رائدات هذه النسويات المختلفة!

والنسويات في الصيغ الجديدة المختلفة عن الصيغة الأصليّة، أغلبها وُلِّدت في مجتمعات محافظة، ولا أحد يفهم تقريبًا أن الفكر النسوي مختلف في هذه النسويات الجديدة عن السياق الأصلي للنسوية إلا القليل من منتسبيها والمؤمنين بأفكارها المعدَّلة، بهدف إيجاد أرضية حاضنة للمصطلح في هذه البيئات المحافظة، وإلا لما استطاعت هذه النسويات أبدًا أن تخطو خطوة واحدة.

وتُختصر النسوية في هذه البيئات بأنها تسعى إلى الدفاع عن حقوق المرأة المسلوبة، وضرورة تمثيلها السياسي ومشاركتها بالحياة الاجتماعية، ومنع تسلط الرجال عليها، والحدّ من جرائم الشرف.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا 

ولكن يبدأ الانحراف المنظم شيئاً فشيئاً بالدفاع عن النسوية كمصطلح عالمي غير مقيد، وتسعى بعض النسويات لإدراجه في أدبيات المجتمع وعقده الاجتماعي دون أن تتنبهنَ إلى إمكانية استغلال المصطلح من بعض التيارات اليسارية المتطرفة ليعمل وفق صيغته العالمية (المرادفة للعهر) في المجتمع، والتي يمكن تعريفها باختصار “بأنها نقل استثمار الدعارة من الرجال إلى النساء”، أو نقل استثمار وتسليع للمرأة من دون موافقتها إلى فعل ذلك بموافقتها وباقتناع كامل منها بحرية تصرفها بجسدها والكسب منه دون أي ضوابط أخلاقية أو اجتماعية، ودون مراعاة لحقوق الأسرة والمجتمع التي تشكل المرأة أحد أهم أسسه.

حالة الرقص تحت المصطلح ومحاولة تقديمه بطريقة عبثية تحمل إيجابية مؤقتة، رغم أنه يحمل معاني العهر والدياثة، تشبه إلى حدٍّ كبير استخدامي لمصطلح (بيدوفيليا) الذي يعني الميل لاشتهاء الأطفال جنسيًا، بطريقة إيجابية. كأن أطلق تيارًا محافظًا هو (بيدوفيليا الشرق)، الذي يعني فقط الاهتمام بالأطفال وتحريرهم من قيود الأبوين على سبيل المثال!!

أيُّ منطقٍ يمكن أن يقبل بهذه الطريقة التي نستخدم بها مصطلحًا بالغ السوء من أجل أفكار سوية؟! إنه نوع من التدليس ومخادعة الناس

اقرأ أيضاً: النسوية وأنظمة الاستعباد الجديدة

إن عادة تدوير المصطلحات كنفايات منتهية الصلاحية لا تنفع إلا في إنتاج القذارة، وإذا كانت هناك تيارات نسائية يطمحنَ فعلاً لقيم وأخلاقيات حقيقية من أجل المرأة، فعليهنَّ إيجاد مصطلحات خاصة بهنَّ، لا استخدام مصطلحات موغلة بالعهر والتطرف كالنسوية وأخواتها.

يبقى أن نذكّر (حتى لا يحاول أحد الاصطياد في المياه الآسنة) أننا مع حقوق المرأة الكاملة دون أي انتقاص، وهذا ما ضمنته مرجعيات المجتمع تاريخيًا، ونحن نزعم أنه في تراثنا وحضارتنا ما يقدم أفضل تجربة للمرأة وحريتها ضمن نسق يضمن الحفاظ على تماسك المجتمع وتكامله دون هدمه قيمياً وأخلاقياً، ومن أجل ذلك يجب أن تنشأ تيارات نسائية لا نسوية، تمتلك مصطلحاتها الخاصة وأهدافها المعلنة بوضوح والتي تنتمي للحرية والأخلاق معاً.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط