باص المبيت

أحمد وديع العبسي

3٬197

منذ أسبوعين تقريباً استهدف فصيل (أحرار الشام) باص مبيت لقوى الدفاع الوطني في ريف حلب الغربي، وقد قُتل في الاستهداف 12 عنصرًا وجُرح 14 آخرون، وقد فرح الفصيل وغيره بهذا الاستهداف (المحرز)، وحيّت معظم صفحات التواصل الاجتماعي والناشطون على تلك المواقع الفصيل الشجاع الذي استعاد المبادرة، وقام بعمل أعاده للواجهة بعدما كاد الناس ينسون وجوده، وربّما هذا هو الهدف الأساسي من عملية الاستهداف، تذكير الناس أن هناك فصيلاً يسمى (أحرار الشام) وأن وجوده في ظل هيئة تحرير الشام والمناطق التي تسيطر عليها في إدلب لا يعني غيابه عن الساحة، وعدم قدرته على اتخاذ قرارات ارتجالية صبيانية لا تقدم ولا تؤخر.

بعد أسبوعين نستطيع الحديث بشيء من الرواق حول العملية الناجحة! إذ إن الحماس حولها قد خبا، ويستطيع المتابع أن يقرأ بعيداً عن تـأجج نيران الحقد والانتقام داخلة التي تجعل كل استهداف للنظام وقواته عملاً جيداً، ونحن غالباً نوافقه في ذلك من حيث النتيجة، ولكن ليس من حيث المبدأ.

كل استهداف يضعف النظام أو يشكل له خسارة في عناصره أو يبث الرعب بينهم ويُذهب عنهم الطمأنينة التي تخيم فوق رؤوسهم بسبب توقف الأعمال القتالية هو استهداف جيد، وعمل بطولي ومشروع … ولكن

يجب أن لا يكون هذا الاستهداف عملاً غير مخطط له، ارتجالياً أحمقاً قد يجلب علينا قصفاً وقتلاً لأبنائنا وإهدار لدمائهم دون أي مكاسب حقيقة سوى القتل والانتقام، فدماء الناس في مناطقنا ليست رخيصة لنضعها على طاولة المقامرة والمغامرة غير محسوبة النتائج.

يجب أن لا يكون هذا الاستهداف عمل فصيل منفرد دون الرجوع لقيادة مركزية من المفترض أنها موجودة في الجبهة الوطنية للتحرير.

يجب أن لا يكون هذا الاستهداف لإثبات قدرات فصيل قاربت الناس على نسيانه، وهو غير مستعد ولا يمتلك القدرة للدفاع عن نفسه فضلاً عن الدفاع عن الناس فيما لو اندلعت معركة بسبب هذه العملية.

الأعمال الانتقامية والرد على الاستهدافات السابقة للنظام لمناطقنا لو أردنا أن ندرج هذه العملية في هذا السياق لا يكون بضربة مؤقتة من السهل الرد عليها وجعلنا نخسر أضعاف ما خسر النظام من دماء ابناءنا عسكريين ومدنين.

أخيراً وأهم شيء يجب أن لا تكون المغامرات العسكرية صبيانية حتى لو اشتملت على موافقة مختلف القوى، فما نحتاجه عند قتال النظام هو توازن ردع، وقدرة على خوض معركة كاملة، لا رشقات تنفيس تجاه العدو ونحن لا نمتلك قرار الحرب والسلم حقيقة في مناطقنا، ولا نمتلك القدرة على مواصلة أي حرب بدون دعم الحلفاء، لذلك من الأفضل التنسيق مع أصحاب القرار قبل فعل ذلك.

وإن قيل إنّ النظام يفعل ذلك، فلماذا لا نرد بالمثل، ببساطة لأننا لا نمتلك هذا المثل، ولا نمتلك حليفاً كحلفاء النظام، ولأن النظام مجرم لا يهتم بمقتل جنوده والناس المقيمين في أماكن سيطرته، بينما نحن من المفترض أننا لسنا مجرمين وإنما مناضلون في سبيل الحرية، وحياة الناس هي أسمى ما نهتم له وندافع عنه … القيم مختلفة، لذلك وسائل الردع والمواجهة يجب أن تكون مختلفة.

ولا يعني فرحنا بالانتقام، الذي هو شيء فطري سنشعر به كمظلومين أننا نتصرف بشكل جيد، وأن ما نفعله يقع في الطريق الصحيح، فهذه الأشياء لا يحكم على صحتها وخطئها ردّةُ فعل الناس وإنما النتيجة وساحة القتال.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط