تحركات أممية لفتح قنوات التمويل الدولي لسوريا

1٬270

كشف مسؤول أممي رفيع أن مناقشات دولية رفيعة المستوى ستُعقد على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، بهدف بحث آليات استئناف الدعم المالي لسوريا، في ظل تحديات إعادة الإعمار واستمرار العقوبات الغربية.

وقال عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريح لوكالة “رويترز” من دمشق، إن “اجتماعاً خاصاً بسوريا تنظمه الحكومة السعودية بالتعاون مع البنك الدولي سيُعقد ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين العالميتين، في خطوة تُعدّ مؤشراً على بداية انفتاح مالي جديد تجاه دمشق”.

رسالة دعم دولي للسوريين

وأكد الدردري أن “الاجتماع يحمل رسالة واضحة إلى الشعب السوري والمجتمع الدولي مفادها أن المؤسسات المالية الكبرى باتت مستعدة لدعم سوريا”، مضيفاً أن “هذا التطور يُعدّ خطوة مهمة نحو إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي، ويمهد لمفاوضات مباشرة بين الحكومة السورية الجديدة وهذه المؤسسات”.

الرياض تسدد ديوناً لصالح دمشق

وفي خطوة داعمة لهذا المسار، أفادت تقارير إعلامية، نقلت عن مصادر مطلعة، بأن المملكة العربية السعودية قد قامت بتسديد نحو 15 مليون دولار من المتأخرات المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي. وتُعد هذه الخطوة تمهيداً لاستئناف الدعم المالي من خلال “المؤسسة الدولية للتنمية”، الذراع التمويلية للبنك المخصصة للدول منخفضة الدخل.

 

ووفقاً للدردري، فإن تسوية هذه المتأخرات “ستفتح الباب أمام برامج تمويل تنموية حيوية، تركز على البنية التحتية والتعليم والصحة وخلق فرص عمل مستدامة في سوريا”.

فرص دعم من صندوق النقد الدولي

إلى جانب تحركات البنك الدولي، أشار الدردري إلى أهمية استفادة سوريا من “حقوق السحب الخاصة” لدى صندوق النقد الدولي، معتبراً أنها أداة دعم قوية يمكن استخدامها في هذه المرحلة لتوفير السيولة، وتحسين قدرة البلاد على التعامل مع المتطلبات المالية العاجلة، ظل محدودية الوصول إلى الأسواق المالية العالمية.

وفد سوري رفيع في واشنطن

في سياق متصل، كشفت وكالة “رويترز” عن مشاركة وفد حكومي سوري رفيع في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ نحو عقدين. ويضم الوفد كلاً من وزير المالية محمد يسر برنية، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية.

وتحمل هذه الزيارة رمزية سياسية واقتصادية كبيرة، إذ تمثل أول مشاركة رسمية على هذا المستوى منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وتعكس رغبة الحكومة السورية الجديدة في استعادة مكانة البلاد على الساحة المالية الدولية.

عقوبات مستمرة وتباين غربي

رغم هذه التطورات، لا تزال العقوبات الغربية المفروضة خلال عهد الأسد تمثل عقبة رئيسية أمام انسياب المساعدات وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار. ورغم صدور إعفاء مؤقت من العقوبات في يناير/كانون الثاني الماضي، يسمح ببعض المرونة في المساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر، إلا أن تأثيره ظل محدوداً على الأرض.

وفيما تسعى دمشق إلى الانفتاح على العالم واستعادة ثقة المؤسسات الدولية، لا تزال واشنطن تتعامل بحذر. فقد قدمت الولايات المتحدة، في مارس/آذار الماضي، قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، لكن غياب موقف موحد داخل الإدارة الأميركية ما زال يعيق تطور العلاقة بشكل ملموس.

مرحلة دقيقة وفرص مرتقبة

وبينما تخوض سوريا مرحلة دقيقة في تاريخها الحديث، تتزايد المؤشرات على وجود إرادة إقليمية ودولية لتوفير الدعم المالي اللازم لبدء عملية إعادة الإعمار، وإعادة تأهيل الاقتصاد الوطني المنهك بفعل سنوات الحرب الطويلة.

ويرى مراقبون أن الاجتماعات الجارية في واشنطن تشكل اختباراً حقيقياً لمدى استعداد المجتمع الدولي للانخراط مجدداً في دعم سوريا، ضمن مقاربة جديدة تراعي التحولات السياسية التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط