تداعيات التغيرات في أفغانستان على المشهد الإقليمي والدولي

غسان الجمعة

0 2٬031

 

لا يزال الحدث الأفغاني بتداعياته مصدر قلق لكثير من الدول و رغم أن الانسحاب الأمريكي الغامض والتقدم السريع لطالبان محط شكوك الكثير من المحللين حول وجود بنود اتفاق مختلفة عمَّا أظهرته مفاوضات الدوحة، إلا أن مظاهر ومشاهد من أفغانستان باتت تشكل دروسًا للتاريخ ومنطلق تغيير في السياسات الدولية.

فالولايات المتحدة خرجت تجرُّ ذيول الهزيمة وتركت حلفاءها ومعاونيها لمصيرهم، واعترفت الدول المحيطة بانتصار طالبان واستقبلت وفودها وعدتها أمرًا واقعًا يجب التعامل معه وغيرت من لهجتها اتجاهها.

إن لغة الخطاب الدولي وحدته في تناول مصطلحات الإرهاب والتطرف والانجرار خلف التصنيفات التي تبرع الولايات المتحدة في إطلاقها هي أول من سيتأثر بالمشهد الأفغاني، ولن يكون لها أثر كما في السابق.

روسيا تبرر قصف إدلب بقتل 35 عنصراً من حراس الدين

فطالبان التي تنطبق عليها معايير التطرف (الغربي) باتت أمرًا واقعًا حسب معظم التصريحات الدولية، ولا بد من التعامل معها وحثها على الالتزام بالقانون والمواثيق الدولية، ممَّا يعني بلغة أخرى إمكانية احتضانها بالمجموعة الأممية والتعامل معها، لا سيما أن دولاً مثل روسيا والصين تعدُّ الخطوة الأمريكية فخًا يجب تجنبه بأي طريقة.

بالإضافة إلى ذلك فإن التعامل الإيجابي الظاهر للمجتمع الدولي مع طالبان يشجع التيارات والأحزاب الإسلامية إلى إحداث تغييرات في البنية الاجتماعية والسياسية للدول التي تنشط فيها مثل هذه التيارات.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

إن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان من الممكن أن يتبعه انسحاب آخر من العراق كما يلمح لذلك بعض الساسة الأمريكيون، وهو ما يفتح الباب أمام دول أخرى تنتشر قواعدها خارج حدودها للانسحاب من مناطق تدخلها كما هو الحال مع فرنسا وبريطانيا وروسيا.

هذا الانكفاء الدولي على الصعيد الخارجي يرتب تغييرات على مستوى السياسة الداخلية للدول كافة من حيث نمو التيارات الشعبوية فيها والعمل لمصلحة الأمة والميل للعمل الوطني المنفرد على الساحة الدولية أكثر منه في العمل الجماعي والأممي وما يشهده الاتحاد الأوربي والناتو من خلافات وانقسامات يمثل مرحلة متقدمة في هذا الطور.

أما على الصعيد الإقليمي فإن للانسحاب الأمريكي المفاجئ من المنطقة تداعيات سريعة في تغيير المشهد الدولي، فدخول طالبان كابول هو بداية انعطافة خطيرة في المنطقة، وربما تكون إيران أسرع من طالبان في ملئه في محيطها العربي فيما لو تم الانسحاب من الخليج كما أفغانستان، ولهذا كانت زيارة طحنون بن زايد بالأمس لتركيا صفحة بداية جديدة لعلاقات الإمارات بتركيا لإدراك أبو ظبي خطورة المشهد.

قضايا كثيرة على رأسها القضية السورية والفلسطينية وجمود الوضع الليبي وغيره من أزمات داخلية في بعض الدول كتونس لن تكون بمعزل عن تداعيات إعادة ترتيب الأولويات وبناء التحالفات للدول المؤثرة والفاعلة نتيجة ارتدادات الزلازل الأفغاني عليها، فالدول ليست ساذجة لدرجة ترى فيها أقوى دولة بالعالم تسحب نفسها من مستنقعها لترمي هي نفسها أو تستمر بغرقها في مستنقعات الآخرين.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط