تداولت مواقع وصفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تدّعي أن عدداً من طلاب محافظة السويداء، وتحديداً من أبناء الطائفة الدرزية، قد أُجبروا على مغادرة جامعاتهم في دمشق وحمص وحلب، تحت تهديدات ومضايقات ذات طابع طائفي. وانتشرت مقاطع مصورة قيل إنها توثق عمليات طرد جماعي من السكن الجامعي، ما أثار حالة من القلق والتفاعل الواسع.
امغادرة طوعية ولا صحة لعمليات طرد
عند التحقق من المعلومات المتداولة، تبيّن أن الادعاءات لا تستند إلى وقائع دقيقة، حيث نفى مدير المدينة الجامعية في دمشق، عمار الأيوبي، في تصريح رسمي وجود أي حالات طرد أو إجلاء قسري بحق طلاب من السويداء أو غيرهم. وأوضح أن المقطع المصور المتداول صُوّر قبل عشرة أيام من الأحداث الأخيرة، ولا علاقة له بالتوتر الأمني الذي وقع لاحقاً في مناطق مثل جرمانا وصحنايا.
وأكد الأيوبي أن مغادرة بعض الطلاب تمت بناء على طلبهم الشخصي، دون ضغوط أو تهديدات، ودعاهم للعودة مؤكداً أن المدينة الجامعية تضمن أمنهم وحقوقهم كاملة.
نفي رسمي وتحذير من التجييش
من جانبه، شدد محافظ السويداء، الدكتور مصطفى البكور، على أن حقوق الطلاب مصانة بالكامل داخل الجامعات، مؤكداً التواصل المباشر مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي بدوره جدّد التزام الوزارة بعدم السماح بأي اعتداء أو تمييز، ودعم أمن وسلامة جميع الطلاب دون استثناء.
كما حذّر البكور من تداول الشائعات التي تهدف إلى إثارة الفتنة وزرع الخوف في نفوس الأهالي والطلاب، داعياً وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والابتعاد عن تضخيم الأحداث أو تسييسها.
وفي السياق ذاته، قال وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، إن الجامعات السورية لن تكون ساحة للتجييش الطائفي، مشيراً إلى أن التنسيق جارٍ بين وزارة الإعلام والتعليم العالي والداخلية لضمان حماية الطلاب وإعادة من يرغب منهم إلى سكنه الجامعي بأمان.
خلفية الأحداث: اعتداءات فردية وتضخيم إعلامي
وفق مصادر محلية وميدانية، فإن الأحداث التي وقعت في حمص وحلب شملت مشاجرات محدودة، أسفرت عن إصابة طالبين، دون وجود مؤشرات على حملة ممنهجة أو استهداف طائفي. كما أن مغادرة عشرات الطلاب جاءت في سياق التوتر الأمني المؤقت، وليس نتيجة قرارات إدارية أو تهديدات مباشرة.
وبحسب موقع “السويداء 24″، فإن عملية نقل الطلاب من مدينة حلب إلى السويداء جاءت بعد استقرار الوضع الأمني وفتح الطريق بين دمشق والسويداء، وليس ضمن إطار عمليات طرد جماعية كما رُوّج.
استثمار سياسي وشحن طائفي
التحقيق أظهر أن بعض الصفحات والمواقع استغلت حالة التوتر لتأجيج الخطاب الطائفي، عبر نشر روايات غير موثقة تتحدث عن “عنف طائفي ممنهج” و”اضطهاد طلابي”، رغم تأكيد الجهات الرسمية والميدانية عكس ذلك.
الشيخ ليث البلعوس، أحد أبرز وجوه حركة “رجال الكرامة”، أكد أن ما حصل هو نتيجة أعمال قامت بها عصابات خارجة عن القانون، لا علاقة لها بالدولة أو بالمؤسسات الجامعية، وشدّد على رفض الحركة لأي مظاهر طائفية أو دعوات للتقسيم، مجدداً مطالبة الدولة بضبط الأمن في المحافظة.
النتيجة النهائية
-
لا توجد أي قرارات رسمية بطرد طلاب من محافظة السويداء من الجامعات أو السكن الجامعي.
-
مغادرة الطلاب جاءت بشكل طوعي، بدافع القلق الشخصي أو رغبة مؤقتة بالعودة إلى مناطقهم.
-
الجهات الحكومية أكدت أن الجامعات مؤسسات آمنة لجميع الطلاب دون استثناء.
-
مقاطع الفيديو المتداولة لا ترتبط بالأحداث الأخيرة وتم إخراجها من سياقها.
-
بعض الأطراف استغلت الموقف لنشر الشائعات وإثارة النعرات الطائفية.
خلاصة القول: لا صحة لما يُشاع حول “إجبار” طلاب السويداء على مغادرة جامعاتهم. والدعوات المتداولة بهذا الشأن تحمل طابعاً تحريضياً لا يعكس واقع الحال، وفق ما أثبتته الوقائع والتصريحات الرسمية.