رزان زيتونة وإشكالية العدالة

أحمد وديع العبسي  

0 465

هدأ الضجيج حول مجدي نعمة وجيش الإسلام ورزان، وصار بإمكاننا الحديث قليلاً بهدوء ودون انفعال وردّات فعل وعواطف سخية حول الأمر، ودون انبحات للمشاعر هنا وهناك بطريقة غير متوازنة أيضاً.

المهم يا سادة يا كرام، يجب في البداية تثبيت نقطة جوهرية وأكيدة لا يختلف عليها من ينشدون الحقيقة والعدالة، وهي أنّ كلّ مذنب ومجرم يجب الاقتصاص منه، وأن الانتصار للضحايا هو ما يجب أن يحتشد حوله الأحرار حتى لو كان الاقتصاص منهم، فالعدالة والمحاسبة والكرامة الإنسانية تقع في مركزية مفهوم الحرية الذي يطالبون به.

اقرأ أيضاً: القفز من سفينة الأسد

الآن يمكننا الانتقال خطوة أخرى للأمام وهي: أنا كشخص لا يعنيني الدفاع عن مجدي نعمة ولا عن جيش الإسلام ولا عن أي شخصية أخرى، كما أنني أرى بوضح أن رزان ضحية مثل غيرها من الضحايا الذين تجاوزوا نصف مليون سوري عبر 10 سنوات كاملة من النضال والكفاح، لا تتعالى عليهم في شيء، وليست أهم منهم، ولا أهتم بها كشخص إلا بقدر اهتمامي بكل الضحايا العظام الذين قدموا أرواحهم في سبيل حرية هذا الشعب وكرامته، وأرى أن قضية رزان يمكن العمل عليها لتكون أيقونة خالدة للتمسك بحق الضحايا جميعهم، وليس الانتصار في قضيتها فقط، واختزال الحقيقة والعداء والجريمة فيما تعرضت له دون غيرها.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

النقطة الثالثة الأهم هنا هي الفرضية التالية:

عندما يقتل مجرم نصف مليون شخص، ويقتل مجرم آخر ما يقارب 10 أشخاص، فأتقدم للقاضي كمطالب بالعدالة بأدلة تدين المجرمين كلاهما، فيأخذ القاضي كل جهده في قضية الأشخاص العشرة أو أحدهم ويهمل نصف مليون شخص!! عندها هل يكون هذا القاضي عادلاً أم أنه يتبع إجراءات سياسية فُرِضت عليه في بلده للنظر في قضية دون أخرى؟! وهل من النزاهة والعدالة التي أنشدها أن أتقدم بمرافعتي أمام قاضٍ غير نزيه ويتبع أهدافًا سياسية ولا تهمه العدالة ولا الضحايا إلا لأنها وافقت توجهاته؟!

الأمر الثاني الأبشع والأخطر، عندما تصرف منظمة تدعي العدالة كل جهدها ومالها من أجل إدانة شخص في قضية غير مكتملة بسبب أعمال انتقامية وأجندة ينفذونها ربما لمصلحة النظام نفسه (عندما تبدأ أصابع الاتهام تتوجه لكيانات ارتكبت جريمة وهي تنتمي للثورة قبل أن تتوجه لنظام أمعن في التفنن بأساليب الجريمة)، فلا يمكنني أن أفهم هذه المنظمة أنها صاحبة قضية أبدًا، بل أرى أنّ كل ما تفعله هو تنفيذها لأجندة من يدفع لها المال، وتتصرف بطريقة خبيثة يستفيد منها أعداء الثورة قبل أبنائها، وأكثر من ذلك أنها تفعل هذا عند جهة لا تمثل النزاهة، وإنما تمثل امتداد الأجندة السياسية نفسه.

أخيراً.. يجب أن تكون البوصلة واضحة جدًا تجاه المجرم الأول بحق الثوار، ثم بقية المجرمين، وأن يتم النظر للضحايا جميعهم بالقدر نفسه من الأهمية، ولا يتم تعويم قضية معينة للإساءة الخبيثة للثورة وأهلها وترك مئات آلاف القضايا؛ لأنها لا تجلب التمويل ولا تخدم الداعم، الذي أشك أن يكون النظام نفسه مرة أخرى وليّ كل الحق في هذا الشك والتهمة، حتى لو لم يكن صحيحًا، فجميع القرائن تدعم هذا الشك، فهي إمّا غباء أو استغباء أو عمالة

والسلام…

 

المدير العام | أحمد وديع العبسي  

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط