اليوم يا أمي هو العام السابع بتاريخ أمومتي، والعام السابع بتاريخ منفاكي ولجوئك لبلاد تحمل معايير باردة تجاه تفاصيل الأمومة، كبرت يا أمي وصرت أماً ، وصرت أشبهك كثيراً.
أحب الحبق والنعناع ، ورائحة القهوة والشمع والكبريت ..ويرهقني الكلام وأكره المناسبات الاجتماعية ، وأحب فكرة البيت كثيراً.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
اليوم يا أمي مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تستسيغينها ولا تشبهك تغص بعشرات المنشورات ومئات الصور ومقاطع الفيديو التي تتمحور معظمها حول عيدك وككل عام ، لم يغريني منها سوى كلمات محمود درويش “أمي أول الأوطان وأخر المنافي”.
اقرأ أيضاً: هل بدأ الانهيار؟ شخصية مقربة من الأسد تهرب إلى روسيا!
لا أدري يا أمي لماذا تستقطبني كلماته دائماً، أتراه لأنني من شعب عرف الوطن وفقده وذاق المنفى نعم يا أمي المنفى ، كل الحدود خارج حدود حلب بالنسبة إلي هي منفى
وها أنا الأن أعيش في منفاي وتعيشين أنت في منفاكي.
الفرق الوحيد يا أمي بين هذا المنفى وذاك هو أنه في منفاكي تعيشين وسط شعب يتحدث اللغة الألمانية التي فشلت طوال سبعة أعوام في تعلمها أما أنا فأعيش وسط أناس تتحدث العربية.
ولكن ..أتصدقينني يا أمي إن أخبرتك أنني أشعر دائماً أنهم لايفهمونني على الرغم من أننا نتحدث لغة واحدة.
كبرت يا أمي وصرت أماً لطفلة تحمل نعومة ملامحك ، وعنادي.
اتذكرين يا أمي كم كنت أنعتك بالإمرأة التقليدية والبعيدة عن صيحات الموضة.
أريد أن أعترف لك بشيء يا أمي، أن ثورة الإنترنت وماحملته من تطور وتكنولوجيا فشلت من جعلي امرأة عصرية.
أنا الآن امرأة تقليدية بامتياز ، متهمة بالنكدية.
أخبريني يا أمي كيف أنقذ نفسي من تلك التهمة المنسوبة إلي دون السقوط في مستنقع السطحية.
كيف للإنسان بعد كل تلك الخيبات والإنكسارات والخسارات أن يكون حيادياً تجاه الفرح والحزن أوليس الحزن أحق بمشاعرنا.
اليوم يا أمي وأنا أسرح شعري اكتشفت شعرتان نال منهما الشيب بشعري الأشقر الذي طالما أحببته
عندها استحضرتني دندنات مارسيل خليفة
“هرمت فردي نجوم الطفولة
هرمت فردي نجوم الطفولة
حتى أشارك صغار العصافير
درب الرجوع
لعش انتظارك ”
نجوم طفولتي بعيدة يا أمي في حلب
وعش انتظارك لنا محتل
ودرب الرجوع للقاكي أسأله من الله أن يكون قريباً
والسلام عليك يا أمي “أول الأوطان وأخر المنافي”