سنوات من الحظر والخوف.. كيف حُرم السوريون من السياحة والتنقل؟

رؤى الزين

64

لسنوات طويلة، كانت السياحة الداخلية في سوريا شبه متوقفة بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية، ما جعل التنقل بين المحافظات، أو حتى داخل المدينة نفسها، محفوفًا بالمخاطر، لم يكن بإمكان السوريين زيارة أماكنهم المفضلة، سواء في الجبال أو الأنهار أو المواقع الأثرية، دون الخوف من الحواجز الأمنية أو العمليات العسكرية.

لكن اليوم، وبعد تحرير سوريا، بدأت حركة السياحة الداخلية تعود تدريجيًا في مختلف المحافظات، ليعيد الأهالي اكتشاف بلادهم من جديد، رغم التحديات الاقتصادية والمعيشية التي لا تزال قائمة.

الحرمان الطويل من السياحة والتنقل

لسنوات، غابت السياحة الداخلية عن حياة السوريين، حيث كانت زيارة أماكن شهيرة مثل جبل قاسيون في دمشق، وقلعة حلب، وشواطئ طرطوس واللاذقية أمرًا شبه مستحيل، لم تكن الاشتباكات وحدها السبب، بل فرضت الحواجز الأمنية والقيود العسكرية واقعًا صعبًا جعل التنقل بين المناطق محفوفًا بالمخاطر، حتى داخل المدن التي كانت مستقرة نسبيًا.

يقول أحمد العطار، وهو شاب من حي الشاغور بدمشق: “منذ حوالي 14 عامًا، لم يصعد أحد من أهالي دمشق إلى جبل قاسيون بسبب قربه من مناطق عسكرية، كان المكان الذي نطل منه على المدينة، لكنه أصبح خارج حدودنا، وكأننا فقدنا جزءًا من ذكرياتنا”.

اقرأ أيضاً:  شام FM، السلطة والإعلام، ذراع النظام الناعمة

من القيود والرعب إلى حرية التنقل

مع استعادة الدولة السورية السيطرة على معظم المناطق، تم إلغاء الحواجز الأمنية بشكل نهائي، مما أعاد حرية التنقل بين المحافظات بعد سنوات من الحظر والخوف، لم يعد السفر بين المدن رحلة محفوفة بالمخاطر، بل أصبح أكثر سلاسة مع تحسن الطرق واختصار الزمن الذي كان السوريون يقضونه في الانتظار عند الحواجز.

اليوم، يعود الكثيرون لاكتشاف المناطق الطبيعية والسياحية التي حُرموا منها لسنوات، أصبح من الممكن زيارة شواطئ الساحل السوري، وقلعة حلب، والأسواق القديمة، حيث يخطط السوريون لرحلات عائلية تعيد لهم ذكرياتهم الضائعة.

تقول سامية الحسين، من أهالي إدلب، التي زارت اللاذقية لأول مرة منذ 12 عامًا: “كان الطريق من إدلب إلى اللاذقية يستغرق يومين متواصلين، هذا عدا عن المبالغ التي كنا ندفعها كرشاوى لحواجز النظام، بالإضافة إلى أجور النقل المرتفعة”.

وتضيف: “اليوم، وصلت إلى اللاذقية في ثلاث ساعات فقط، وكأنني أعيش حلمًا لم أتصور حدوثه.”

عقبات في وجه السياحة الداخلية

رغم عودة النشاط السياحي، لا تزال الظروف الاقتصادية الصعبة تشكل عائقًا أمام الكثير من العائلات، ارتفاع تكاليف التنقل، والإقامة، والطعام جعل الرحلات السياحية عبئًا، لكن السوريين رغم ذلك يحاولون الترفيه عن أنفسهم ضمن إمكانياتهم المحدودة.

إلى جانب الأزمة المعيشية، لا يزال الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمواقع الأثرية يحدّ من إمكانية استعادة السياحة لعافيتها بشكل كامل، العديد من المناطق التي كانت وجهات سياحية شهيرة تحولت إلى أنقاض، وتحتاج إلى سنوات من الترميم والتأهيل قبل أن تعود كما كانت.

تتحدث بتول عبيدو، من أهالي أريحا، عن الدمار الذي حلّ بمنتزهات جبل الأربعين، قائلة: “هذا المكان الذي كان مليئًا بالحياة أصبح جبلًا من الركام خلال السنوات الماضية، حوله النظام إلى نقطة عسكرية، دُمرت الأشجار والمطاعم والمقاهي، واليوم، حتى بعد عودته إلى المدنيين، لا يزال بحاجة لسنوات حتى يستعيد جماله”.

عودة السياحة الداخلية في سوريا تمثل خطوة إيجابية تعيد للسوريين جزءًا من حياتهم الطبيعية، لكن لا تزال هناك عقبات كثيرة، من الوضع الاقتصادي الصعب إلى إعادة إعمار المواقع السياحية المدمرة.

رغم ذلك، فإن إرادة الناس في تجاوز المحن والاستمتاع بجمال بلادهم تبقى أقوى من أي تحدٍ، مما يجعل الأمل بمستقبل سياحي أفضل ممكنًا، حتى وإن كان يتطلب مزيدًا من الوقت والجهود.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط