أثار الممثل السوري عابد فهد موجة من الانتقادات والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهوره برفقة زوجته الإعلامية زينة يازجي في مقابلة متلفزة عبر قناة MTV اللبنانية، حيث أدلى بتصريحات تناولت الأوضاع الراهنة في سوريا، معبّراً عن استغرابه من التدهور الاجتماعي والسياسي الحاصل، خصوصاً على صعيد العلاقات الطائفية.
وقال فهد في اللقاء: “أنا لدي أصدقاء من كل الطوائف، وكلهم يتعجبون مما يحصل. من المسؤول؟ ومتى ستعود سوريا كما كانت؟ كنا نعيش في بيئة لا تعرف التفرقة الموجودة الآن، نحن في وضع غير صحي”.
انتقادات لاذعة: تصريحات سطحية تتجاهل السياق التاريخي
كلمات فهد التي بدت للوهلة الأولى دعوة للوحدة، اعتبرها كثير من النشطاء “سطحية” و”مضللة”، لكونها تُغفل السياق السياسي الحقيقي الذي أوجد الطائفية في سوريا، مؤكدين أن الانقسامات لم تكن وليدة الأزمة الأخيرة، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات النظام الأسدي على مدار عقود، منذ عهد حافظ الأسد وحتى بشار الأسد.
اقرأ أيضاً: السعودية تواصل الهيمنة على صدارة تصنيف أندية آسيا وسوريا في…
ورأى معلقون أن تصريحات فهد اختزلت الأزمة في “استغراب شخصي” بعيد عن الواقع المعاش، متجاهلة أن الطائفية في سوريا مشروع سياسي ممنهج، استخدمه النظام لترسيخ حكمه، عبر تفكيك البنية الوطنية وتحويل الانتماءات الطائفية إلى أدوات للضبط والسيطرة.
يازجي تتدخل وتعيد التوازن: “نحن في ممر صعب نحو سوريا الجديدة”
وفي محاولة واضحة لتدارك الموقف، تدخلت الإعلامية زينة يازجي خلال اللقاء، وقدمت طرحاً أكثر اتزاناً وواقعية، قائلة:
“نحن في حالة انتقال، في ممر صعب بين واقع سابق لم تكن فيه حرية أو كرامة، والآن نأمل الوصول إلى سوريا جديدة. الطريق مليء بالألغام، لكننا السوريين نرسمه بأنفسنا. نخطئ ونصحح، نبتعد ونعود… الهدف: سوريا حرة عادلة لكل أبنائها”.
كلماتها حظيت بإشادة كبيرة من المتابعين، الذين وصفوها بأنها “الصوت المتزن والعاقل” في المقابلة، واعتبروا أنها أنقذت الحوار من الانزلاق نحو تبرئة غير مقصودة للنظام من مسؤولياته.
سجل فهد يُستحضر من جديد: ازدواجية المواقف تحت المجهر
تجاوز الجدل مجرد التصريحات الحالية، وامتد ليشمل المواقف السابقة لعابد فهد خلال الثورة السورية، حيث وُجهت له اتهامات بـ”الحياد المريب”، و”الصمت عن الجرائم”، وصولاً إلى موقفه الذي اعتبره البعض صادماً حين أهدى إحدى جوائزه للجيش السوري واللبناني، واصفاً إياهما بـ”رمزي الصمود”، في وقت كانت فيه هذه القوات متهمة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
وكتب أحد المتابعين في تعليق واسع الانتشار: “يسأل متى تعود سوريا كما كانت، بينما كان يصفّق لقاتلها… أي ازدواجية هذه؟”.
فهد يوضح: “عودتي كانت إلى سوريا الواحدة لا إلى النظام”
رداً على موجة الانتقادات، نشر فهد عبر خاصية “الستوري” في حسابه الرسمي على إنستغرام توضيحاً جاء فيه:
“ما قصدته من كلامي هو التحذير من الوقوع في الطائفية. علينا كسوريين أن نحافظ على علاقاتنا كشعب واحد. كلمة (العودة) لا تعني أبداً عودة النظام، بل عودة سوريا إلى صحتها الاجتماعية ووحدتها”.
وأضاف: “أنا حر مثل سوريا الحرة، قبل التحرير وبعده. أعمالي تشهد على رسالتي الفنية والإنسانية. لا تتسرعوا في الأحكام، فذلك لا يبني وطناً”.
ما بين العفوية والوعي الشعبي: المواقف العامة تحت الرقابة
الجدل الذي رافق تصريحات فهد يعكس حالة من التحول في الوعي العام السوري، الذي بات يرفض الخطابات الرمادية والمواقف المواربة، ويطالب الفنانين والمثقفين بمواقف صريحة تجاه قضايا العدالة والحرية والمسؤولية الوطنية.
ففي ظل التغيرات الجارية في سوريا والمنطقة، أصبح الرأي العام أكثر إصراراً على محاسبة الشخصيات العامة التي شاركت، بصمتها أو دعمها، في تبييض صفحة النظام أو التستر على جرائمه، ولو بكلمة.