أثارت أنباء عودة جمال طرابلسي، أحد أبرز مساعدي قائد ميليشيا “المقاومة السورية” معراج أورال المعروف بـ”جزار بانياس”، إلى مدينة حلب، موجة غضب واستنكار واسعة في الأوساط الثورية والحقوقية السورية، وسط تساؤلات عن جدية المرحلة الانتقالية في تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين بجرائم الحرب.
وبحسب ما كشفت عنه مصادر إعلامية، فإن طرابلسي، الذي يُعد الذراع اليمنى لأورال في مدينة حلب، عاد مؤخراً إلى الساحة بعد أشهر من التواري عن الأنظار، متنقلاً بين إدلب وحماة، ليستقر أخيراً في مدينة حلب. وقد جاءت عودته عقب فترة طويلة من الغياب، بدأت بعد سيطرة فصائل المعارضة على مدينة حماة، حيث كان منخرطًا في العمليات القتالية إلى جانب ميليشيات النظام.
ويُعرف جمال طرابلسي بعلاقته الوثيقة بمعراج أورال، قائد ميليشيا “المقاومة السورية” التي ارتكبت مجازر مروّعة بحق المدنيين، أبرزها مجزرتا حي البيضا ومدينة بانياس عام 2013، واللتان راح ضحيتهما مئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، في واحدة من أبشع جرائم الحرب التي شهدتها سوريا.
اقرأ أيضاً: ضغوط أمريكية تفكك الفصائل الفلسطينية في سوريا
وفي عام 2017، تعرض طرابلسي لمحاولة اغتيال غامضة، دفعته إلى الاختفاء لفترة طويلة، وسط أنباء عن انشقاقات داخل صفوف الميليشيا التي كان يدير مكتبها في حلب. ويُنظر إليه اليوم كأحد الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في تمويل وتوجيه النشاط الطائفي والعسكري في شمال سوريا.
من هو “جزار بانياس”؟
معراج أورال، المعروف أيضاً باسم “علي كيالي”، هو الأمين العام لما يُسمى بـ”الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون”، وأحد أبرز الموالين للنظام السوري. برز اسمه كأحد أكبر مجرمي الحرب في سوريا، حيث يُحمّله ناشطون ومعارضون سوريون مسؤولية مباشرة عن مجازر طائفية دموية ارتُكبت بحق المدنيين، ولا سيما في الساحل السوري.
وقد اختفى أورال عن الأنظار منذ سنوات، بعد تعرضه لمحاولات اغتيال متكررة، أبرزها في تموز 2019 وأيلول 2020. ففي إحدى تلك المحاولات، تعرض لإصابات بالغة نتيجة انفجار عبوة ناسفة قرب سيارته في ريف اللاذقية، كما نجا من هجوم مسلح أثناء توجهه إلى منطقة “كسب”، وسط أنباء متضاربة عن مصيره، ما جعله واحداً من أكثر الشخصيات الغامضة التي لا يزال مصيرها مجهولاً حتى اليوم.
غضب شعبي وانتقادات للإدارة الجديدة
أثار خبر عودة طرابلسي إلى حلب موجة انتقادات واسعة في الأوساط الثورية، حيث عبّر ناشطون عن صدمتهم من “التساهل غير المبرر” في التعامل مع شخصيات يُفترض أن تُحاكم لا أن تُكرَّم أو يُعاد دمجها في الحياة العامة، مؤكدين أن هذا النوع من الخطوات يوجه رسالة سلبية للضحايا وذويهم، ويقوض أي جهود للعدالة الانتقالية في البلاد.
كما انتقد ناشطون التعيينات الأخيرة التي جرت تحت غطاء انتخابي، والتي أعادت إلى الواجهة عدداً من الشخصيات المرتبطة بالنظام المخلوع، خاصة في القطاعين الاقتصادي والإداري. ورأوا في ذلك “إعادة تدوير” لرموز التشبيح والفساد، وتمكيناً لهم من مفاصل الدولة، بدل محاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم وتحريض طائفي وفساد ممنهج.
في ظل هذه التطورات، تتزايد الدعوات إلى تفعيل المساءلة القانونية، وتشكيل لجان تحقيق مستقلة للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا، لا سيما من قبل شخصيات مثل جمال طرابلسي ومعراج أورال، ممن لا تزال أياديهم ملطخة بدماء الأبرياء.