قسد رهن المظلة الأمريكية

غسان الجمعة

0 1٬040

 

تعيش ميلشيا قسد ظروفًا صعبة على وقع ما تم كشفه عبر وسائل إعلام أمريكية عن إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من شرق الفرات وبعض المناطق الأخرى في البلدان العربية.

ورغم تطمينات مساعد وزير الخارجية الأمريكي (جوي هود) عن استمرار واشنطن بالوجود لمحاربة داعش، إلا أن قسد وغيرها لم تعد أمريكا بالنسبة إليهم حليفًا موثوقًا.

واشنطن رغم تأكيد وجودها في المنطقة، إلا أن سيناريوهات بناء سياستها الخارجية عقب الانسحاب من أفغانستان تقوم في مجملها على الانسحاب من مناطق الصراع، وهي سياسة باتت مستقرة في العقد الأخير على لسان الساسة الأمريكيين، وهنا يبقى الوجود الأمريكي في منطقتنا استثناء له مبرراته ودوافعه التي تفرض نفسها على البيت الأبيض.

فضيحة لأمن الأسد توثقها عدسات المدنيين في اللاذقية (فيديو)

إن غياب الإستراتيجية وضياع الهدف أدى إلى انتقادات مستمرة لسياسة واشنطن في سورية وتأكيدها الدائم لعدم رغبتها بتغيير النظام في سورية إنما تغيير سلوكه، وهذا الأمر يكشف حرصها على الوجود البارد في أكثر مناطق الشرق الأوسط سخونة.

فالولايات المتحدة تعلم أنها لن تستمر طويلاً في وجودها، وهي تعلم بوجود صراع وتنافس إقليمي خفي بين تركيا وإيران على إرثها في المنطقة، لذلك هي تريد أن يُحسَم هذا الأمر في المنطقة بحضورها الرمزي كبوصلة تأمين لها لضمان مصالحها وحرمان روسيا من لعب الدور الأمريكي من خلال تقسيم الكعكة وتوزيع الأدوار في خريطة المنطقة اليوم.

في حين ملفات التفاوض حول برنامج إيران النووي ومخاوف الكيان الصهيوني هي من أولويات واشنطن في المنطقة، لا سيما أن دول التطبيع لن تكون بأفضل حال من قسد خارج المظلة الأمريكية.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

أما على الصعيد السوري تحديدًا فإن التلويح المستمر بعصا داعش من قبل واشنطن وحلفائها هو مجرد تحرك تكتيكي على الطاولة السورية للاستمرار في استنزاف الأطراف وإنهاكها واستخدام وجودها كورقة ضغط ومساومة في ملفات أخرى.

ومن جانب آخر تستمر الولايات المتحدة في ابتزازا تركيا من خلال حساسية موقفها من الأحزاب الانفصالية، حيث تتوارد الأنباء عن إمكانية قيام أنقرة بالمزيد من العمليات على بعض المناطق في الشريط الحدودي بضوء أخضر أمريكي، حيث انسحبت من بعض قواعدها في الحسكة وسمحت لتركيا بإدخال مسيراتها في قواعد اللعبة التي تديرها في سورية.

إن مخاوف ميلشيا قسد من الأمريكيين في محلها، وهي تدرك لعبة داعش، وفي الوقت نفسه تعلم أن أدارة بايدن لم يعد بمقدورها الانسحاب مجددًا بشكل سريع ومفاجئ حتى وقت بعيد، لما قد يسببه ذلك من فقدان للهيمنة والسطوة الأمريكية في سلك علاقاتها الدولية، وأيضًا لن تفوت قسد الفرص القادمة للتفاوض حول الحل السياسي مع أي جانب من الأطراف السورية، وهو ما تراهن عليه موسكو والأسد وتتجاهله المعارضة وتركيا.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط