لا أجد حسنة فيمن أعارضه!!

أنس جمعة حشيشو

179

ابتلاءٌ ظهر في زماننا تعافى منه كثير من السلف ومن أنصف فالإنصاف عزيز

علّة العلل أن تغيّب بكرهك حسنات من تخالف فقط لأنه عارضك بمسألة أو كان له وجهة نظر أخرى!

مظلمةٌ كبرى يعيشها الإنسان في اختصار أخيه بموقفٍ وتحييد كونه من أهل الحقّ بمجرد افتراقه معه بقضية والأشد ظلماً عندما تكون في إطار المسائل الاجتهادية والفروع

حقيقة قتل الإنسان ما أكفره!! وما أشد جرأته على أخيه وصناعة الخصومة

حزينٌ في انتشار المرض وتفشيه فتقع عيني على قصة مميزة مع ابن المنير المالكي عندما قال: “هذا كلام جدير أن يكتب بذوب التبر لا الحبر”
عبارة عظيمة في منهج التعامل مع المخالفين قالها ابن المنير المالكي بحق أشد خصومه من المعتزلة أبو القاسم الزمخشري
فقد كان متابعًا لأعمال الزمخشري وخاصة تفسيره “الكشاف” وعلى الرغم من الاختلافات العقائدية بينهما أظهر ابن المنير إعجابًا شديدًا بمهارة الزمخشري البلاغية واللغوية وكان يقول في مواضع وافق فيها الزمخشري على مسائل معينة تعجبًا وإعجابًا: “هذا كلام جدير أن يكتب بذوب التبر لا الحبر” أي أن هذا الكلام يستحق أن يُكتب بماء الذهب بدلاً من الحبر.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب اضغط هنا

مشهدٌ يظهر كيف يمكن أن يكون الحوار العلمي المنهجي مبنيًا على الاحترام والإعجاب بالمهارات الفكرية وإنصاف الآخر في قضاياه المنصفة حتى عندما يكون هناك اختلافات في العقائد فما بالنا لو كانت في مسائل اجتهادية فقط..!

حتى تتمايز الأفعال علينا أن نظهر كرهنا ومعارضتنا للفكرة السيئة لا لذات الشخص

وإلا سيكون الكره شيطانياً لا إنصاف فيه فما أجمل الارتقاء في سلّم التعامل مع المخالف من الظلم إلى العدل ثم إلى الفضل
كما يقول ابن تيمية رحمه الله النّاس في التعامل مع المخالف لهم على ثلاث درجات: درجة الظلم، ودرجة العدل، ودرجة الفضل. فالظلم مذموم، والعدل مأمور به، والفضل مندوب إليه

 

فمن فقه التعامل مع المخالف

  • الإنصاف في النقد:
    • بأن يكون النقد موضوعيًا، وأن ينصبّ على الفكرة أو الرأي وليس على الشخص.
  • الحوار بالحكمة:
    • واستخدام أسلوب الحوار الهادئ المتوازن المتسم بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم الانجرار إلى السب والشتم أو التجريح الشخصي.
  • التركيز على المشتركات:
    • التركيز على النقاط المشتركة بين الطرفين يمكن أن يساعد في تقليل التوتر وبناء جسور التفاهم.

رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
واحدة من أهم أدوات التعامل مع المخالف واستيعابه والتركيز على مقاربة الفكرة لا محاربة متبنيها

وقفة مع الذات في الختام
التعامل مع المخالف ليس إلّا فنٌّ يتطلب منّا الترفع عن النزاعات الشخصية والتركيز على الحقائق والأفكار ومناقشتها باعتدال وحلم ومراعاة لفهم الآخر واهتماماته والأحوال المحيطة به ولا ننسى أن نزيح عباءة التقديس عن قناعاتنا وننظر للمشهد كاملاً نظرةً عادلةً دفاعاً عن الحقّ لا عن رأينا والبحث عن الصواب أينما كان والالتزام به..
وأخيراً.. ومن حيث انطلقنا ليراجع كلّ واحدٍ ذاته إن كان منهجه
لا أجد حسنةً فيمن أعارضه … والأعظم منها وزراً لا أجد سيئة فيمن أتبعهم
فالتوسط في الحالتين والإنصاف أصل التقارب ورأب الصدع في مجتمعاتنا ولكن الإنصاف عزيز ولا يكون إلّا من أهل الحقّ والباحثين عنه لا عن الهوى … والسّلام ختام!!

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط