مجزرة نهر الشهداء رسالة إلى المجتمع الدولي عن إجرام النظام السوري وخطورته

0 1٬196

د. نذير الحكيم

عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة

 

أدرك أنني لستُ بخير، عندما أمشي وأجلس على حافة سريري للنوم، تبدأ صور المجازر تستحضرني، أجساد ممزقة على شكل هياكل عظمية، أصوات ثكالى تنادي أبنائها وجثث منتفخة، والأقسى من ذلك مقابر جماعية لشباب بعمر الورود، بعمر ابنائي الذين أعرف تماماً مرارة بعدهم، فضلاً عن فقدانهم، حماهم الله وكل أبناء السوريين.

مجزرة نهر قويق كانت حدثاً قاسياً، ومجزرة بشعة تضاف لمئات أو آلاف المجازر الجماعية التي ارتكبها النظام السوري، كانت وجوه القتلى مسطحة، لاشيء يدل على هويتهم سوى ما تبقى من لباسهم.  

الكثير من العائلات تعرفت على أبنائها من خلال (اللباس أو الحذاء أو أي علامة في جسدهم لم تمحَ). والقاتل يتفرج على المأساة ومازال طليقاً ويزداد تغوله بدماء السوريين.

في إسطنبول على بعد آلاف الكيلومترات، وأنا في بيتي أراقب وأشاهد، كان جسدي يرتجف لهول المجزرة وقسوة المشاهد، وفي كل عام تتكرر الذكريات كأبشع ما يكون من إجرام أشباه البشر وعديمي الإنسانية.

لا بدّ ونحن الذين نعمل في المعارضة السياسية، أن نركز في كل عام وفي كل مناسبة على الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام السوري في حق أهلنا وشعبنا الذي طالب بالحرية والكرامة، فكان الرد بالحديد والنار والمجازر.

في صباح ٢٩ كانون الثاني من عام ٢٠١٣ شاهد أهالي حلب جثث تطفو في مجرى نهر قويق أفقدت الجميع صوابهم، وكأن النهر تحول لمقبرة، فما كان منهم إلا أن بدؤ بجر الجثث المتفسخة والتي كانت تظهر عليها أثر تعذيب وحشية. جميع الجثث مكبلة الأيدي مكممي الأفواه وأعينهم قد صب بها مادة أشبه بمادة السيلكون (لاصق). حتى فقد الناس صوابهم من هول المنظر. لم يذكر التاريخ عن جريمة كجريمة نهر قويق

أكثر من ٢٢٠ جثة وجدت تعرضت لأشد أنواع الانتهاكات والتعذيب حتى بعد الموت. أي نظام هذا تسعى الدول إلى تعديل سلوكه لا تغييره واقتلاعه من جذوره.

براميل متفجرة إعدامات ميدانية وسلاح كيميائي وصواريخ لغاية الان لم تعرف ومازال البعض يلمع بالأسد ويحاول إعادة تأهيله.

مجزرة نهر قويق، أو نهر الشهداء أعطت للعالم رسالة واضحة ولجميع الحلفاء والأصدقاء، أن هذا الكيان المتوحش لا يمكن أن يكون شريكاً في الوطن، وإن العملية السياسية لابدّ أن تؤدي إلى رحيله في نهايتها، لأن الأوطان لا يؤتمن عليها مع نظام يجعل المجازر والتمثيل بالجثث والقصف والقتل أداة للحوار مع شعبه

مؤسف جداً ما نراه من محاولات التطبيع مع النظام، ومحاولات إعادته للجامعة العربية، والتصريحات التي نسمعها بأنه لا بديل للنظام في المنطقة، وكأن العالم والمطبعين قد تجاهلوا هذه الصور القاسية التي تؤكد أن النظام السوري خطر على المنطقة برمتها وخطر على الإنسانية وخطر على شعبه.

أن الأسد وحكومته يجب أن يحالوا إلى المحاكم الدولية لا أن يعاد تأهيلهم فمن ارتكب جريمة مرة سيرتكبها مرات أخرى، ويبدو أن بوصلة المجتمع الدولي لم تعد سوية فالمجرم طليق حر والضحايا مجرد أرقام، ولسان حالهم ((نعطه فرصة أخرى لعله يغير سلوكه)).

وكأن من قُتل لا يحمل هوية إنسان ولا تنطبق عليه معايير انسانية المجتمع الدولي أو حتى حقوق الإنسان.

مجزرة نهر قويق أصبحت كقلعة حلب، راسخة في عقول أبناء سوريا، كدليل دامغ على أن جرائم الأسد لن تسقط بالتقادم وأن العدالة ستأخذ مجراها مهما ما فعل رعاة الأسد.

ونهر قويق هو نهر الشهداء. النهر الذي فضح إنسانية الجميع وعدالتهم المزعومة، وكتيبات حقوق الأنسان.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط