علاء الدين إسماعيل
بعد مرور عشر سنوات يبدو أن كل من تفاءلوا بالتغيير السياسي في البلاد أوغلوا كثيرًا في طموحاتهم في وقت فشلت فيه المعارضة السورية في تقديم بديل للنظام حتى الآن، ويبقى السؤال مطروحًا: هل مايزال من الممكن إيجاد نهاية للحرب السورية التي تتحدث عن نفسها في صورة شعب يعاني التشرد والنزوح في الداخل والخارج؟
تتواتر الأنباء التي تتحدث عن تشكيل مجلس عسكري بقيادة العميد (مناف طلاس)، وهو نجل وزير الدفاع السوري الراحل (مصطفى طلاس)، في إعادة لإحياء المقترح الذي مرَّ قبل فترة دون أن يُحدث الأثر المتوقع منه.
اختارت صحيفة حبر عدة أسئلة ووجهتها لشخصية عسكرية من الجيش الوطني، وشخصية سياسية ترأس الهيئة السياسية في محافظة إدلب، وعدة آراء لمدنيين في المخيمات الحدودية ممَّن تهجروا قسرًا خلال الحملة الاخيرة لنظام الاسد وروسيا وميلشيات إيران على مناطق جنوب وشرق إدلب.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
في حال تشكيل مجلس عسكري بقيادة العميد مناف طلاس ماذا تتوقع من هذا المجلس؟
أجاب الرائد (يوسف الحمود) المتحدث باسم الجيش الوطني: “أطالب أن يظهر العميد مناف طلاس بتسجيل مرئي يحدد فيه الموقف الدولي من المجلس العسكري والعمل الذي قام به شخصيًا من أجل فكرة إنشاء المجلس العسكري، ويبين أهدافه ورؤيته للوضع في سورية.”
أما (أحمد حسينات) رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب قال لحبر: “عندما تكون هناك إرادة دولية لتشكيل المجلس العسكري في سورية بالتأكيد هناك دور كبير له بإعادة ضبط الجيش وسحب السلاح وتنظيمه، وإعادة قوات الجيش من البلدات والمدن إلى ثكناتها.”
اقرأ أيضاً: طبيب لبناني يفضح قضية إرسال الأسد الأوكسجين إلى لبنان
بدوره الأستاذ (ساري الرحمون) المهجَّر من ريف إدلب الجنوبي إلى الحدود السورية التركية ويعمل مدير مدرسة في أحد المخيمات أفاد: “كوني مهجَّر ليس لي ثقة بالعميد مناف طلاس؛ لأن من ثبَّت بشار الأسد في الحكم هو والده مصطفى طلاس، ومعروف عن علاقات مناف طلاس القوية بروسيا، وهي اليوم العدو الأول للشعب السوري مثلها مثل نظام الأسد وميلشياته، وخطة تشكيل مجلس عسكري تعدُّ عملية التفاف على الثورة السورية لإعادة هيكلة جيش بشار الأسد.”
هل يستطيع المجلس العسكري طرد إيران وميلشياتها من سورية رغم تغلغلها في كافة مفاصل الدولة؟
أضاف الحمود: “حسب رؤية المجلس العسكري نستطيع أن نحدد مدى إمكانيته، ورؤية المجلس العسكري غائبة لدينا كليًا.
أحمد حسينات يقول: “عندما توجد الإرادة الدولية بخروج إيران وميلشياتها الطائفية من سورية من أجل حلّ الملف السوري فكل شيء ممكن من خلال مراحل متعددة، الأولى تبدأ بطرد العسكريين الإيرانيين، أما المرحلة الثانية فهي الرجوع إلى السجلات المدنية ومراقبة عمليات تجنيس المرتزقة الإيرانيين وتغلغلهم داخل دوائر الدولة.”
(الرحمون) كان مغايرًا في إجابته لمن سبقه، حيث قال: “ممكن أن يقوم المجلس العسكري بطرد ميلشيات إيران من سورية بناءً على طلب إسرائيل، وليس بناءً على رغبة السوريين.”
في حال تم تشكيل حكومة برئاسة رياض حجاب ماذا يُتوقَّع منها؟
قال الحمود لحبر: “نعول الكثير على أي حكومة توجد في سورية تكون جامعة لكل السوريين في ظل تطبيق قرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار 2254 والانتقال السياسي الكامل بدون أي تواجد لبشار الأسد.”
وأوضح حسينات بقوله: “إذا توافق المجتمع الدولي على شخصية رياض حجاب برأيي هو قادر على قيادة المرحلة الانتقالية من خلال حكومة مدنية هدفها إعادة إعمار سورية وعودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم ومدنهم وبلداتهم، وإعادة سورية إلى موقعها الطبيعي.”
فيما حدد الرحمون موقفه موضحًا أن “الدكتور رياض حجاب شخصية سياسية معروفة، ومنشق منذ بداية الثورة لم يحابِ ولم يفاوض في شؤون السوريين وآلامهم، إنما هو شخصية محترمة، وبرايي يوجد توافق عليه من الداخل والخارج، ونأمل أن يكون على رأس حكومة جديدة تصل بطموحات ما تبقى من أحلام الشعب السوري والوصول لدولة حرية ومدنية وديمقراطية.”
في الوقت الحالي هل اللجنة الدستورية قادرة على التوافق على دستور جديد للبلاد؟
يجيب الحمود” هل الدول الإقليمية والدولية قادرة على التوافق على صورة حل نهائي في سورية لأنها بوابة وبداية عمل اللجنة الدستورية؟ أرى أن المجتمع الدولي نفسه لا يعرف أين تتجه الأمور في سورية، وهو غير متوافق على رؤية نهائية.
في سياقٍ متصل قال (حسينات): “الخلاف الآن ليس بين أعضاء اللجنة الدستورية الحاليين، بل إن هناك جهات دولية تعطل التوافق على دستور جديد للبلاد، ونعود ونقول: عندما يتم التوافق بين الدول الإقليمية والدولية على الملف السوري سيكون هناك دستور متوافق عليه بين الجميع خلال أيام قليلة فقط.”
وتوافق رأي الرحمون مع الآراء السابقة حيث قال: “اللجنة الدستورية غير قادرة على التوافق على دستور جديد للبلاد لعدة أسباب: منها الأول مماطلة النظام، والثاني الطرف المعارض وليس لي ثقة به.”
ليست سورية اليوم هي ذاتها قبل عقد من الزمان، إذ فقدت ثلث سكانها بين لاجئ ومهجَّر، ومدنها الرئيسة تستعيد صور ومشاهد مدن الحرب العالمية الثانية، واقتصادها مدمَّر، وبُناها التحتية متهالكة، وفوق أرضها جيوش أربع دول كبرى (روسيا، والولايات المتحدة، وإيران، وتركيا) وعشرات الميلشيات المسلحة والمدججة بالطائفية والمذهبية وخطاب الكراهية.
سورية اليوم مقسَّمة واقعيًا بانتظار واحد من خيارين لا ثالث لهما، إما الانهيار والفوضى وشرعنة التقسيم وترسيمه، أو الذهاب إلى حل سياسي شامل يعيد إنتاج سورية وهيكلة نظامها السياسي وتقسيماتها الإدارية وسياستها الخارجية وتحالفاتها الإقليمية والدولية، هكذا تبدو الصورة اليوم، إذ إنها أشد حلكة على السوريين المنهكين بأعباء حرب العشر السنوات.