مراسلون بلا حدود: حرية الصحافة في مأزق عالمي غير مسبوق

752

شهد التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2025، الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، تدهوراً حاداً في المؤشر الاقتصادي الذي يقيس قدرة وسائل الإعلام على الاستمرار والاستقلال. وللمرة الأولى منذ انطلاق التصنيف، تُوصَف حرية الصحافة بأنها “في وضع صعب” على مستوى العالم، في ظل تقهقر غير مسبوق لمؤشرات الاستقلال الاقتصادي الذي يُعد شرطاً جوهرياً لصحافة حرة ومستقلة.

وإذا كانت الاعتداءات الجسدية ضد الصحفيين تمثل الجانب الظاهر من الانتهاكات، فإن الضغوط الاقتصادية – من غياب التمويل المستدام إلى تمركز الملكية الإعلامية – أصبحت العائق الخفي الأكثر خطورة، إذ تُضعف المؤسسات الإعلامية وتجعلها رهينة أجندات المعلنين والسلطات.

وكشف التقرير أن 160 من أصل 180 دولة شملها التصنيف تعاني من عدم استقرار مالي في القطاع الإعلامي، بينما شهدت ثلث الدول حالات إغلاق متكررة لمنابر صحفية. وتُعد الولايات المتحدة من أبرز الدول التي شهدت تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض مؤشرها الاقتصادي بأكثر من 14 نقطة خلال عامين، وسط موجة إغلاق طالت الصحافة المحلية، وفقدان الملايين لمصادرهم الإخبارية.

اقرأ أيضاً: غارة إسرائيلية قرب القصر الرئاسي بدمشق

وأكد التقرير أن التدخلات السياسية والضغوط الإعلانية وتمركز الملكية أدت إلى تقويض استقلالية التحرير في أكثر من 92 دولة، حيث يفرض المالكون توجهاتهم على الخط التحريري. وتعيش دول مثل لبنان والهند وأرمينيا تحت وطأة هذه الهيمنة الاقتصادية، بينما تتحول وسائل الإعلام إلى أدوات بيد النخب السياسية أو الاقتصادية.

وفي خضم هذه الأزمة، تصاعدت المخاوف من تغول المنصات الرقمية الكبرى (مثل غوغل وفيسبوك) التي استحوذت على النسبة الأكبر من سوق الإعلانات الرقمية، دون أن تخضع لأي رقابة تنظيمية، وهو ما فاقم من تآكل العائدات التي تُعد شريان الحياة لوسائل الإعلام التقليدية.

أما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد اعتُبرت المنطقة الأخطر على سلامة الصحفيين، لا سيما في غزة، حيث قُتل ما يقرب من 200 صحفي خلال 18 شهراً بفعل الحصار الإسرائيلي، فيما تواصل دول مثل تونس وسوريا وإيران احتلال مواقع متأخرة بسبب التراجع الحاد في الحريات الإعلامية والظروف الاقتصادية الخانقة.

ورغم تصدر النرويج التصنيف العالمي للمرة التاسعة توالياً، فإن أوروبا بدورها لم تسلم من التحديات الاقتصادية، حيث سجلت 28 من أصل 40 دولة في الاتحاد الأوروبي تراجعاً في مؤشر الاستقلال المالي للمؤسسات الإعلامية، مما يبرز الحاجة العاجلة لاعتماد التشريعات الأوروبية الخاصة بحرية الصحافة.

وتُظهر نتائج تقرير 2025 أن الضغوط الاقتصادية أصبحت تهديداً بنيوياً لحرية الصحافة في العالم، في ظل تفاقم التحديات السياسية والتكنولوجية والمالية، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لإعادة بناء النظام الإعلامي على أسس تضمن الاستقلال والاستدامة.

للاطلاع على التصنيف من خلال الملف: 700X500_carte_RSF_2025_EN_HD

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط