هل ما يجري في المنطقة تصرف فردي أم توافقات دولية؟

أيمن العاسمي

17

تحت هذا العنوان العريض، رغبت في طرح وجهة نظري تحت عنوان أوسع بالشكل التالي: وجهة نظر مبنية على ثوابت وليست اختيارًا فرديًا.

لطالما كانت أسعار السلع أول ما يتأثر بالأزمات المفاجئة على الصعيد الدولي. ففي كل مرة يشهد العالم أزمة كبرى، نشهد معها قفزات غير طبيعية في الأسعار، ويظل النفط في طليعة السلع المتأثرة، لا سيما في منطقتنا العربية. في وقت كتابة هذه الكلمات، كان سعر النفط الخام الثقيل قد انخفض إلى ما دون 72 دولارًا، بينما وصل سعر نفط برنت إلى أقل من 76 دولارًا، وما زال الاتجاه العام يشير إلى مزيد من الانخفاض لوجود تشبع شرائي (أي الوصول إلى قمة الشراء على بعض المؤشرات الفنية، وهذا مصطلح يعرفه أغلب المطلعين على الأحوال الاقتصادية).

من هنا، يبرز تساؤل رئيسي يشغل أذهان المتابعين للشأنين الاقتصادي والسياسي: ما الذي يحدث تحديدًا؟ وكيف تغيرت القواعد الأساسية التي كانت تحكم أسعار السلع، خاصة النفط، تلك السلعة التي تُعد شريان حياة لمنطقتنا التي تشهد في الوقت نفسه تطورات متسارعة؟

اقرأ أيضاً: مظلوم عبدي يدعو للحوار مع الأطراف الوطنية في إدلب

إذا أعدنا النظر إلى التاريخ القريب، خاصة الحروب التي اندلعت في مناطق مختلفة من العالم، بما فيها منطقتنا، نجد أن أسعار النفط كانت تسجل ارتفاعات حادة. لا يمكننا أن ننسى ما حدث خلال حرب الخليج الأولى والثانية، حيث كانت المنطقة ذاتها، واللاعبون هم أنفسهم، والمتأثرون أيضًا لم يتغيروا. ولكن عند مقارنة ما يجري اليوم بما حدث في تلك الفترات، نلاحظ فرقًا جوهريًا. على الرغم من أن الظروف الجغرافية والسياسية لا تزال متشابهة، فإن التأثير على أسعار النفط اليوم مختلف تمامًا.

من هنا، حاولت أن أفهم أسباب هذا الاستقرار النسبي في الأسعار، وربما حتى ميلها للانخفاض. وقد تبين لي أن السر يكمن في غياب عنصر المفاجأة. فما نراه اليوم ليس نتاج أحداث مفاجئة وغير متوقعة، بل نتيجة لتوافقات دولية مسبقة حول ما يجري وما سيحدث في منطقتنا. هذا يعزز من الشعور بالطمأنينة، إذ أن ما يُخطط له يبدو أنه سيقود إلى استقرار أكبر.

التوافق الدولي على الحلول والتخلص من الأدوات التي ساهمت في نشر الفوضى، قد يكون هو المفتاح لجعل شعوب المنطقة أكثر تفاؤلًا بمستقبل أفضل. عندما تسير الأحداث وفق خطة واضحة ومسار محدد، فهذا يعني أن هناك توافقات ثابتة تقف خلف ذلك، مما يدل على أن الطريق لم يكن اختيارًا فرديًا، بل نتيجة لتفاهمات أوسع بين مختلف الأطراف الفاعلة.

أيمن العاسمي
المتحدث الرسمي باسم المعارضة السورية لمفاوضات أستانا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط