آثار السخرية من الزواج عبر مواقع التواصل

علي سندة

0 426

قرأت منشورًا على إحدى مجموعات (فيس بوك) للسوريين في تركيا مفاده أن رجلًا يسأل الموجودين في المجموعة عن امرأة للزواج، بقوله: “أريد فتاة للزواج، يلي حوليته يخبرنا، حتى لو كانت أرملة أو مطلقة”.

قد لا يرى البعض في هذا المنشور أي إشكالية، حملًا على أن غرض الرجل واضح وشريف كما يبدو، لكن من يقف قليلًا عند المنشور يرى فيه هدمًا للقيم ولأهم لبِنة مؤسّسة في المجتمع ألا وهي الأسرة والزواج، بل فيه نشر وتحريض على الفاحشة.

أولًا: المنشور انتشر في مجموعة للسوريين في تركيا غرضها بيع وشراء الأدوات المنزلية المستعملة والجديدة والخدمات الأخرى من تأمين بيوت للإيجار، وإعلانات افتتاح مطاعم…إلخ، لذلك منشور البحث عن الزواج لا يمت بأي صلة إلى المجموعة وأهدافها المحددة بالوصف.

ثانيًا: المجموعة تضم آلاف السوريين من كافة الأجناس والأعمار، يتابعون ويشاهدون ما يُنشر يوميًا، وهكذا منشور لو سلمنا جدلًا صحة نشره وسلامة غاية صاحبه، يُسيء إلى مؤسسة الزواج السورية ويهدم قيمها، فمنذ متى كانت تُطلب بنات السوريات للخطبة بهذه الطريقة السوقية الوضيعة على مرأى الآلاف، الذين فيهم الصالح والطالح، والكبير والصغير، والفتاة والشاب؟! هل تحولت الفتاة إلى نصف كيلو بطاطا أو كيلو كوسا للمحشي حتى يُتصَل بصاحب المنشور ويقولون له تفضل عندنا طلبك؟!

ثالثًا: المنشور فيه إساءة كبيرة للأرملة والمطلقة، حيث تحولتا في المنشور إلى شيء ثانوي يعيش على هامش الحياة، بل هما بمنزلة البديل في حال لم تؤمَّن الفتاة البِكر للزواج، وهنا بغض النظر عن تعامل المجتمع مع المرأة المطلقة أو الأرملة وضياع شيء من حقوقها، لكن ما خفي أعظم بذكر المطلقة والأرملة بهذا المنشور، وهذا ما سأبينه في الفقرة الرابعة.

رابعًا: إن ذِكر المرأة المطلقة والأرملة في ذاك المنشور الوضيع، إلى جانب التقليل من شأنهنَّ في المجتمع، فيه تحريض على الفاحشة والفتنة حملاً على استغلال حاجتهنَّ المعيشية والنفسية أكثر من اللائي لم يتزوجن، وهنا يتبين لنا غرض الناشر الأساسي للمنشور، وبمعنى آخر هو يطلب الفاحشة بلبوس الزواج.

تلك الطريقة الوضيعة في طلب الزواج تخفي خلفها آثار السخرية من الزواج عبر مواقع التواصل، للوصول إلى الزنا ونشر الرذيلة في المجتمع السوري لا سيما في المهجر، لما فيه من تسهيل في الوصول وطريقة العرض، وتشجيع من في نفسه شيء من الانحراف على التواصل وتحقيق الرغبات، وبالتالي إفساد من بقي عنده أثارة من أخلاق، وتسهيل غايات عديمي الأخلاق.

الجانب المضيء في الموضوع، سيل التعليقات الناقدة من أعضاء المجموعة لصاحب المنشور وتحقيره على هذه الطريقة الوضيعة في طلب الزواج، بل إن بعضهم فضحوا مأربه في نشر الفاحشة، ودافعوا عن مؤسسة الزواج السورية، وعن شرف السوريات وعفتهنَّ، وعن أعراف السوريين في الزواج وطريقة طلب الفتاة من أهلها وكرامتها وكرامة أهلها.

ما أريده تبيينه من كل ما سبق أن بعض الفتيات اللواتي لا يعرفنَ تلك الحيل والأساليب، فيحلمنَ بالزواج من هكذا وضيع ويصدقنه، إما بسبب الفقر أو الحاجة أو رغبة أهلهنَّ بتزويجهنَّ مخافة العنوسة، أو رغبة بعض المطلقات أو الأرامل بوجود زوج يتولى أعباء المنزل خاصة في الغربة التي يعانين منها، لكن حذارِ من تلك الأساليب وهؤلاء الكذابين، فما هكذا يتزوج السوريون، ولا هكذا تُطلب الفتاة من أهلها، فالغرض الأساسي هو التسلية والكذب، والإضرار بالفتيات وهدم مستقبلهنَّ بذريعة الزواج وطلب الحلال.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط