آليّة الحماية المدنيّة للاتحاد الأوروبي… فرصة تعويم النظام السوري بغطاءٍ إنساني

آلية الحماية المدنية الأوربية
3٬277

أعلن مسؤول إدارة الأزمات في المفوضيّة الأوروبيّة، يانيز لينارتشيتش الأربعاء 8-2-2023 عن تفعيل سوريا آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي بعد يومين من الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا.

وأضاف لينارتشيتش أنّ المفوضية تلقت طلباً للمساعدة من حكومة سوريا عبر آلية الحماية المدنية مؤكداً أن الدول الأعضاء في الاتحاد تعمل لتقديم الدعم العاجل والحيوي لإغاثة المنكوبين.

أعقب الطلب موافقة دول الاتحاد على تفعيل الآلية ومساعدة المنكوبين في الجمهورية العربية السورية حيث بلغ عدد الضحايا في مناطق سيطرة النظام السوري حسب آخر إحصائية أعلنتها وزارة الصحة في حكومة دمشق 1408 أشخاص والجرحى 2341 شخصاً بينما أعلن منسقو استجابة سورية عن 3467 ضحية وإصابة 7438 شخصاً في شمالي غربي سورية الخاضع لسيطرة المعارضة.

كما خفف الاتحاد الأوروبي الإجراءات التقييدية المطبقة فيما يتعلق بسوريا بخصوص عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على النظام السوري والقطاعات الاقتصادية التي كان النظام يربح منها لتأمين وصول سريع للمساعدات الإنسانية.

وقال المجلس الأوروبي في بيان: إنّ المنظمات الإنسانية لن تحتاج على مدى ستة أشهر للحصول على إذن مسبق من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإرسال مواد أو تقديم خدمات للكيانات الخاضعة لعقوبات التكتل.

ماهي آلية الحماية المدنية للاتحاد الأوروبي

في أكتوبر 2001، أنشأت المفوضية الأوروبية آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي (ECHO) وتهدف الآلية إلى تعزيز التعاون بين دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب ثمانية دول هي (ألبانيا والبوسنة والهرسك وأيسلندا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية والنرويج وصربيا وتركيا) في الحماية المدنية لتحسين الوقاية والتأهب والاستجابة للكوارث.

نكسة في دائرة المصالح الانتهازية بين روسيا وإسرائيل

 وفي مايو 2021 عدّل الاتحاد الأوربي آلية الحماية لتشمل أيّ دولة تطلب تفعيل الحماية المدنية حتى لو كانت من خارج الاتحاد الأوروبي ويمكن لأيّ دولة في العالم وكذلك الأمم المتحدة ووكالاتها أو أي منظمة دولية ذات صلة طلب المساعدة من آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي والتي تم تفعليها أكثر من 600 مرة منذ تأسيسها.

وتهدف هذه الآلية إلى توفير الحماية للأشخاص في المقام الأول، وكذلك البيئة والممتلكات بما في ذلك التراث الثقافي ضد جميع أنواع الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان بما في ذلك عواقب أعمال الإرهاب أو الكوارث التكنولوجية أو الإشعاعية أو البيئية والتلوث البحري وعدم الاستقرار الهيدروجيولوجي والطوارئ الصحية الحادة التي تحدث داخل الاتحاد أو خارجه بميزانية تبلغ  حوالي 1.65 مليار يورو سنويًا (ما مجموعه 11.57 مليار يورو تمتد على مدار السبع سنوات المقبلة (2021-2027).

ومن أجل ضمان الشفافية والمساءلة حول كيفية إنفاق أموال المساعدات الأوروبية، في نهاية كل عام، تعد إدارة الحماية المدنية الأوروبية وعمليات المساعدة الإنسانية (ECHO) التابعة للمفوضية الأوروبية تقريرًا سنويًا يعرض كيفية إنفاق الميزانية والأنشطة التي تم تنفيذها.

وتعمل المفوضية الأوروبية مع حوالي 200 منظمة شريكة لتقديم المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء العالم وتشمل المنظمات الإنسانية غير الحكومية والمنظمات الدولية (مثل وكالات الأمم المتحدة) والوكالات المتخصصة للدول الأعضاء.

بعد طلب المساعدة من خلال الآلية  يقوم مركز تنسيق الاستجابة للطوارئ (ERCC)  بتعبئة المساعدة أو الخبرة ويراقب ERCC الأحداث في جميع أنحاء العالم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ويضمن النشر السريع للدعم في حالات الطوارئ من خلال ارتباط مباشر مع سلطات الحماية المدنية الوطنية و يمكن تعبئة الفرق والمعدات المتخصصة ، مثل طائرات مكافحة حرائق الغابات ، وفرق البحث والإنقاذ والفرق الطبية في غضون مهلة قصيرة للانتشار داخل أوروبا وخارجها حيث تدعم خرائط الأقمار الصناعية التي تنتجها  خدمة إدارة الطوارئ في كوبرنيكوس  عمليات الحماية المدنية حيث يوفر كوبرنيكوس معلومات جغرافية مكانية دقيقة وفي الوقت المناسب والتي تفيد في تحديد المناطق المتأثرة والتخطيط لعمليات الإغاثة في حالات الكوارث وفي البلدان النامية، عادة ما تسير مساعدات الحماية المدنية جنبًا إلى جنب مع المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي ويعمل الخبراء في كلا المجالين بشكل وثيق معًا لضمان التحليل والاستجابة الأكثر تماسكاً.

لم يسبق أن تعاملت آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوربي مع غير الحكومات في عمليات الاستجابة التي تتلخص أهدافها الإنسانية في

  • الحفاظ على الحياة
  • منع المعاناة وتخفيفها
  • المساعدة في الحفاظ على كرامة الإنسان في مواجهة الأخطار الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان.

ماذا قدمت الآلية لسورية:

طلبت السلطات السورية وبرنامج الغذاء العالمي المساعدة من خلال آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، ويشمل الطلب فرق البحث والإنقاذ والمأوى والأدوية والأجهزة الطبية والمولدات وسيارات الإسعاف وسارعت إيطاليا ورومانيا لتقديم الخيام العائلية وأكياس النوم والمواد الغذائية والملابس الشتوية وغيرها، دعماً للشعب السوري واعتمدت آلية الحماية المدنية إيطاليا مركزاً لتجميع الجهود الأوربية وانطلاقها للبلد المنكوب.

بالإضافة إلى ذلك، حشدت المفوضية 3.5 مليون يورو في شكل مساعدات إنسانية طارئة لسوريا ليساعد التمويل الأشخاص المحتاجين في للحصول على المأوى والمياه النظيفة وإصلاح شبكات الصرف الصحي بالإضافة لدعم جهود الصحة وعمليات البحث والإنقاذ.

تقوم المفوضية وشركاؤها بتقييم الوضع والاحتياجات في المناطق المتضررة من الزلزال ويحتاج حوالي 14.6 مليون شخص في سوريا إلى المساعدة، ويواجه ما يقرب من ثلثي السوريين نقصًا في الغذاء

وتشير إحصائيات عمليات الحماية المدنية الأوروبية والمساعدات الإنسانية إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص داخليًا، وحاجة 8.2 مليون شخص ضعيف إلى المساعدات المنقذة للحياة في مناطق سيطرة الحكومة (مناطق سيطرة النظام السوري) حيث لا يزال الوضع الأمني ​​في الجنوب متقلبًا وينطوي على خطر التصعيد.

أما في شمال غرب سوريا (مناطق المعارضة السورية) فإن تقديرات الحماية المدنية الأوربية تشير إلى 4.1 مليون شخص، من بينهم 2.7 مليون نازح داخليًا، هم بحاجة مساعدات إنسانية عاجلة في إحصائية لم يتم تحديثها بعد كارثة زلزال 6 شباط المدمر.

ولدعم المتضررين اتبعت آلية الحماية الأوربية 6 خطوات لتقديم الدعم والمساعدة تمثلت في:

1- تعبئة شركائنا في المجال الإنساني على الأرض:

تعاونت الآلية مع الشركاء الإنسانيين في تقييم الأضرار والاحتياجات على الأرض وطلبت آلية الحماية من الاتحاد الأوربي تعديل المنح المخصصة لسورية قبل الزلزال وتم رصد مبلغ 6 ملايين يورو للاستجابة للمناطق المنكوبة من الزلزال في المناطق الحكومية ومناطق المعارضة بالإضافة إلى ذلك تم تخصيص مبلغ 3.7 مليون يورو مبلغ أولي لتغطية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً.

2- تفعيل آلية الحماية المدنية في الاتحاد الأوروبي:

حتى تاريخ 20 فبراير قدّمت 13 دولة أوروبية (النمسا وبلغاريا وقبرص وألمانيا واليونان وفنلندا وفرنسا وإيطاليا ولاتفيا وبولندا ورومانيا وسلوفينيا والنرويج) الخيام والبطانيات وأكياس النوم ومستلزمات المأوى والمولدات والسخانات والأدوية ومواد غذائية وملابس شتوية ومعدات طبية وغيرها للشعب السوري.

وتكفّل الاتحاد الأوروبي بتغطية تكاليف النقل بنسبة 100% خلافاً للمعتمد في آلية الاستجابة التي تقدمها آلية الحماية المدنية الأوروبية والتي تقضي بسداد ما نسبته 75% من تكاليف شحن المساعدات الطارئة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب  اضغط هنا

3- تفعيل احتياطات الاستجابة الإنسانية الأوروبية الخاصة:

بالإضافة إلى العروض المقدّمة من الدول الأوروبية، قامت آلية الحماية الأوربية باستخدام مخصصات الاستجابة الإنسانية الأوروبية الخاصة في كل من الإمارات وإيطاليا وإيرلندا لدعم عملية الاستجابة في كارثة الزلزال في سورية.

4- توصيل المساعدة من خلال محورين:

لأسباب تتعلق بالحيادية والاستقلالية وضرورة الوصول لكل المنكوبين في الجغرافيا السورية اعتمدت آلية الحماية المدنية الأوربية على محورين في تقديم مساعدتها الطارئة عقب كارثة الزلزال من خلال كل من لبنان عبر العاصمة بيروت وتركيا من مدينة غازي عنتاب وتستخدم في عمليات المساعدة وسائل النقل الجوية والبحرية.

5- التنسيق مع المنظمات الإنسانية للوصول إلى السوريين:

مثل المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، والاتحاد الدولي للصليب الأحمر، وجمعيات الهلال الأحمر (IFRC)، وحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

6- يتم توزيع المساعدة على الأشخاص الذين يحتاجونها.

دبلوماسية الكارثة فرصة النظام السوري:

في حقل العلاقات الدبلوماسية أنماط عديدة للدبلوماسية منها الدبلوماسية التقليدية التي هي الشكل الأقدم لعلاقات الدول إلا أن هذه العلاقات باتت تأخذ منحىً جديداً وعرفت الدبلوماسية المعاصرة أنواعاً جديدة في العلاقات الدولية منها الدبلوماسية الدفاعية والاقتصادية والدبلوماسية الثقافية ودبلوماسية الباندا التي رسختها الرؤية الخارجية للصين.

 وفي الحالة السورية اليوم تشهد دمشق حراكاً دبلوماسياً يستثمره النظام السوري على ظهر الدولة السورية والشعب السوري من خلال دبلوماسية الكارثة وعلى الرغم من حالة القطيعة التي تفرضها العقوبات الدولية على هذا النظام المتهم بارتكاب جرائم حرب وعمليات قتل وتعذيب شاءت الظروف أن تقع الإرادة الدولية أو تسنح الفرصة لبعض أطرافها حسب تقدير مواقفها التواصل مع النظام السوري.

وكانت أولى الثمار السياسية للزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال سورية تخفيف العقوبات عن النظام السوري من قبل الاتحاد الأوربي مما يعني متنفساً جديداً لآلة الحرب بشكل أو بآخر ومزيداً من المعاناة للشعب السوري.

آلية الحماية الأوروبية ذاتها وعلى منصتها الإلكترونية توضح سبب العقوبات المفروض على دمشق بسبب القمع العنيف الذي يمارسه نظام الأسد بحق الشعب السوري.

لعلّ معاناة السوريين اليوم من كارثة الزلزال لا تقل عن معاناتهم مع نظام سياسي يستخدم شرعيته الدولية بانتهازية لا تقل في أثرها على المدى الطويل عن آثار الزلزال المدمر في 6 شباط بل إن الزلزال الحقيقي الذي تعانيه سورية بدأ في عام 2011 و لا يزال ارتداده حتى الساعة على رؤوس السوريين.

ويبقى السؤال الأهم هل مدّت اليد الأوروبية بقفاز المساعدات للنظام السوري والذي من المفترض أن تخلعه بعد انتهاء مدة الاستجابة ومساعدة الشعب السوري أم أنها يد متحمسة واستغلت فرصتها لتمسك بيد نظامٍ يُحاكم مجرموه وضباط أمنه اليوم في محاكم أوروبية عن انتهاكات وحشية؟

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط