أزمة الغذاء في سوريا مستمرة رغم تراجع الأسعار

1٬027

حذّرت منظمة الغذاء العالمي في تقرير جديد من استمرار أزمة الأمن الغذائي في سوريا، مع توقعات بانخفاض إنتاج الحبوب عن المعدل المتوسط، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، رغم تسجيل انخفاض نسبي في أسعار المواد الغذائية.

أزمة متفاقمة بفعل النزاع والتغير المناخي

وأشار التقرير إلى أن التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي لن تزول قريبًا، بل تتفاقم بفعل الأوضاع الاقتصادية الهشة، واستمرار النزاع، والتغيرات المناخية، ما يتطلب استجابات عاجلة من المؤسسات الإنسانية والمجتمع الدولي لمنع تفاقم الأزمة.

الجفاف يضرب الزراعة ويدفع المزارعين لبدائل أقل إنتاجية

أثر تأخر هطول الأمطار في تشرين الثاني 2024 على موسم زراعة الحبوب الشتوية، ما تسبب في انخفاض المساحات المزروعة وتراجع الإنتاج المتوقع في عام 2025. ووفق التقرير، فإن موجة الجفاف المبكرة، الممتدة بين تشرين الثاني 2024 وكانون الثاني 2025، قلّصت من وصول المزارعين إلى الحقول الزراعية، وأدت إلى تراجع المحاصيل.

إضافةً إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، مثل الوقود والأسمدة، دفع المزارعين إلى التحول نحو زراعة محاصيل أكثر ربحية، كاليانسون والكمون والحبة السوداء والكزبرة، مما أدى إلى تفاقم أزمة إنتاج الحبوب في البلاد.

إنتاج الحبوب في 2024 يسجّل تراجعًا كبيرًا

قدّرت تقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إنتاج الحبوب في سوريا عام 2024 بنحو 3.4 ملايين طن، أي أقل بـ13% من متوسط السنوات الخمس الماضية، و33% من معدلات الإنتاج قبل 2011.

ويعود هذا الانخفاض إلى عوامل متعددة، أبرزها سوء توزيع الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة في نيسان وأيار 2024، وانتشار الأمراض النباتية، إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج. ورغم تراجع الإنتاج المحلي، تتوقع منظمة “الفاو” أن ترتفع واردات القمح خلال العام التسويقي 2024/2025 (تموز-حزيران)، متجاوزةً متوسط السنوات الخمس الماضية، إلا أن التحديات الاقتصادية، مثل انخفاض قيمة العملة الوطنية والاضطرابات الداخلية، قد تعيق تأمين الاحتياجات الأساسية من القمح.

انعدام الأمن الغذائي يطال أكثر من نصف السكان

بحسب التقرير، يعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 9.1 ملايين شخص في حالة انعدام أمن غذائي حاد.

وفي كانون الثاني 2025، بلغ الحد الأدنى من النفقات الضرورية لأسرة من خمسة أفراد نحو 2.5 مليون ليرة سورية شهريًا، بانخفاض يقارب 15% عن الشهر السابق، وهو أدنى مستوى منذ عام. ورغم هذا التراجع، فإن الحد الأدنى للأجور البالغ 280 ألف ليرة لا يغطي سوى 18% من تكاليف الغذاء، ما يعكس التدهور الحاد في القدرة الشرائية للأسر السورية.

انخفاض الأسعار لا يعني تحسن الأوضاع

شهدت أسعار الغذاء انخفاضًا طفيفًا، مدفوعًا بتراجع سعر صرف الليرة في السوق الموازية، وتخفيف القيود على الاستيراد، وإزالة بعض الحواجز العسكرية على الطرق الرئيسية، ما سمح بانسياب السلع وخفض كلفة النقل.

لكن رغم هذا التراجع، لا تزال القدرة الشرائية للمواطنين متدهورة، مما يعني استمرار أزمة الأمن الغذائي في البلاد، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم الفئات الأكثر ضعفًا، وتعزيز الاستثمارات في القطاع الزراعي، وتحقيق استقرار اقتصادي يضمن تحسين سبل العيش.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط