كشف المتحدث باسم وزارة النفط السورية، أحمد السليمان، في تصريح لوكالة “رويترز”، اليوم السبت، أن المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا قسد في شمال شرق سوريا بدأت بتوريد النفط من الحقول المحلية التي تديرها إلى الحكومة المركزية في دمشق.
وتعد هذه أول عملية تسليم معروفة بين الطرفين منذ تولي الحكومة الجديدة السلطة بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأوضح السليمان أن النفط المورد يأتي من حقول تقع في محافظتي الحسكة ودير الزور، دون تقديم تفاصيل إضافية حول حجم الشحنات أو شروط الاتفاق.
اتفاق شامل بين قسد ودمشق
إلى جانب التفاهمات النفطية، تم التوصل إلى اتفاق موسع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة السورية الجديدة، يتضمن عدة بنود رئيسية تهدف إلى تعزيز الاستقرار والسيادة الوطنية، أبرزها:
🔹 دمج قسد والمؤسسات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية ضمن هيكلية الجيش السوري، في خطوة تهدف إلى تحقيق وحدة الصف العسكري وتعزيز التنسيق الأمني.
🔹 إعادة تفعيل المؤسسات المدنية والخدمية التابعة للدولة في شمال وشرق سوريا، لضمان توفير الخدمات الأساسية وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
🔹 انسحاب المقاتلين الأجانب غير السوريين من صفوف قوات سوريا الديمقراطية ومنطقة شمال وشرق سوريا، كخطوة لتعزيز السيادة الوطنية والاستقرار في المنطقة.
🔹 تعزيز التنسيق مع الحكومة السورية وتكثيف الاجتماعات لتعزيز التعاون حول القضايا الوطنية، بما يسهم في توحيد الجهود لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
🔹 التأكيد على وحدة سوريا وتسهيل عودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم وقراهم، مع توفير الظروف الملائمة لاستقرارهم وضمان حقوقهم.
🔹 دعوة الرئيس أحمد الشرع لزيارة شمال وشرق سوريا وتهنئته بتوليه منصبه، في إطار تعزيز العلاقات بين الإدارة المركزية والمناطق الشرقية.
🔹 الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لوضع خطط وآليات تنفيذية لضمان تطبيق البنود بشكل فعال، بما يضمن تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع وتحقيق نتائج ملموسة.
تجارة النفط الداخلية والتحديات الاقتصادية
أصدرت الولايات المتحدة إعفاءً مؤقتًا من العقوبات لمدة ستة أشهر، بدءًا من يناير/كانون الثاني، يسمح بإجراء بعض المعاملات في قطاع الطاقة. في المقابل، من المتوقع أن يعلق الاتحاد الأوروبي عقوباته المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار، ما قد يفتح المجال أمام استئناف النشاط الاقتصادي في القطاع النفطي السوري.
اقرأ أيضًا: بيدرسن: تشكيل حكومة سورية شاملة قد يسهم في رفع العقوبات
وأفادت مصادر تجارية بأن سوريا تبحث عن آليات جديدة لاستيراد النفط عبر وسطاء محليين، بعدما فشلت المناقصات الأولى التي طرحتها الحكومة الجديدة في جذب اهتمام كبار تجار النفط، نتيجة العقوبات الدولية والمخاطر المالية المرتبطة بالتعامل مع دمشق.
السيطرة على عائدات النفط
تمثل تجارة النفط الداخلية محورًا رئيسيًا في المحادثات بين الإدارة الذاتية والسلطات الجديدة في دمشق، حيث تسعى الأخيرة إلى بسط سيطرتها على كافة الموارد الوطنية. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن قوات سوريا الديمقراطية قد تضطر إلى التخلي عن سيطرة ميليشيا قسد على عائدات النفط كجزء من أي اتفاق مستقبلي.
في هذا السياق، صرح القائد العام لقسد، مظلوم عبدي، الشهر الماضي بأن قواته منفتحة على نقل مسؤولية موارد النفط إلى الحكومة المركزية، شرط ضمان التوزيع العادل للعائدات بين جميع المحافظات السورية.
النفط السوري: تحديات الماضي والحاضر
تواجه الإدارة الجديدة لقطاع النفط في سوريا تحديات كبيرة في إعادة تأهيل الحقول النفطية واستعادة مستويات الإنتاج السابقة. قبل عام 2011، كانت سوريا من الدول المصدّرة للنفط، حيث بلغ إنتاجها نحو 380 ألف برميل يوميًا، مع تكرير 238 ألف برميل محليًا، وتصدير الفائض بعائد سنوي يقدر بثلاثة مليارات دولار، وفق بيانات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوبك).
ومع استمرار المفاوضات بين مختلف الأطراف، يبقى مستقبل قطاع الطاقة في سوريا مرهونًا بمدى نجاح التفاهمات السياسية وقدرة الحكومة الجديدة على إعادة هيكلة الاقتصاد النفطي بما يحقق الاستقرار والتنمية في البلاد.