مع اقتراب الانتخابات التركية في ١٤ مايو ٢٠٢٣، يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان تحديات في ظل أزمة اقتصادية “لا تصنف على أنها خطيرة”، ولكنها تُستغل من المعارضة التركية لتمرير بعض الأجندات المضادة لحملة الرئيس أردوغان الذي اكتسب شعبية جماهيرية عززت مكانته في قلوب الشعب التركي والعالم الإسلامي، حتى باتت تركيا اليوم ملجأ لكل المظلومين في العالم .
و بالنظر إلى قدرة حزب العدالة و التنمية و ديناميكية تحركاته فإن فرص الفوز ترتفع في ظل التنافس، إلا أن برغماتية الرئيس و فن قيادته و بصفته سياسياً متمرساً تعطي حقيقة واضحة بالفوز رغم احتمالية فوز المعارضة كما يقول البعض، إلا أنّ التكافؤ غير موجود و شتان ما بين المتمرس و غير الكفؤ , فنحن نتحدث عن الجمهورية التركية التي باتت محورية في العالم و نقطة تحول جيوسياسي لخرائط الصراع, و بغض النظر عن نتيجة هذه الانتخابات، أظهرت الطبقة السياسية التركية والمجتمع التركي بالفعل مرونة كبيرة في تداول الرأي، وممارسة الحرية والديمقراطية.
يتمتع الرئيس أردوغان أيضًا بقاعدة ناخبين موحدة ومنظمة حزبية منضبطة، بينما سيحتاج المرشحون الآخرون إلى الجمع بين ناخبين متنوعين أيديولوجيًا لتحقيق النجاح.
أخيرًا، يتمتع الرئيس أردوغان بسجل حافل في الحكم وفن إدارة الدولة والقيادة. في ظل هذه الظروف فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو فوز الرئيس أردوغان بالرئاسة. ومع ذلك هناك قدر أقل من الوضوح فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، والوصول لبرلمان منقسم ممكن إلى حد كبير. ولكن بعد التعديلات الدستورية سيحول هذا دون تأثير الانقسام على حيوية الدولة لأن الرئيس أصبح يمثل اليد العليا في معظم القضايا، مع بقاء سلطات رمزية وأخلاقية وتشريعية بيد البرلمان، وهي سلطات مهمة للغاية في تركيا تحفظ التوازن دون أن تؤثر على حيوية الدولة.
كانت الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا هي التي قادت حرب الاستقلال بقيادة أتاتورك، وأسست تركيا الحديثة في عام 1920، وحولت تركيا إلى جمهورية في عام 1923. لذلك حتى في غياب السلطات الرسمية، سيستمر البرلمان في حمل ثقله في السياسة التركية. وفي حالة انقسام البرلمان، سيحتاج الرئيس – أياً كان المنتخب – إلى استيعاب الإرادة البرلمانية. إذا فشل الرئيس في القيام بذلك فسيتعين عليه أن يحكم في ظل توتر سياسي ومجتمعي هائل. ومع ذلك هنالك أيادي تحاول التأثير على نتيجة الانتخابات، ف “الغرب” وأدواته تغلغلت في الخطاب العام. وتتهم الحكومة المعارضة بالفعل بأنها أداة في يد الغرب لإضعاف تركيا، وتقسيمها إذا أمكن، ونشر زواج المثليين على الأقل لإضعاف قيم الأسرة التركية. وبأنها أداة لبعض الحكومات الغربية في الخوض في السياسة التركية بطرق خفية مختلفة. وهذا حقيقي لحد كبير، فعند الولايات المتحدة ومعظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إشكاليات عميقة في العلاقة مع تركيا، وتستخدم بعض الجهات المعارضة من أجل التأثير في القرار التركي، ولكن عليها أن تكون حذرة من طبيعة الدولة التركية التي لا تثق في الغرباء وتستجيب لنظريات المؤامرة، وترد على أي تدخل مهما كان خفيًا أو ماهرًا، برد فعل عنيف. وهذا ما قاله وزير الداخلية مخاطباً أمريكا حين قال (كفوا أيديكم القذرة عن تركيا).
إلى ماذا تشير التوقعات؟
تشير التوقعات أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيحصل على نسبة تتراوح ما بين ٥١,٤٪ إلى ٥٢,٧٪، ولكن المعارضة تحضر لسيناريو الوصول إلى جولة ثانية أملاً في فرصة للفوز، وعلينا عند هذه المرحلة أن لا نهمل دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لأنه مهم في الانتخابات التركية. وإذا لعبوا أوراقهم بشكل جيد يمكن للغرب أن يكون بمثابة دعامة للمعارضة التركية، وفي حالة فوز المعارضة سيدرك الأتراك حدود ومخاطر القوة الغربية وتأثيرها السلبي على بلادهم، وهذا ما لن تقبل به الأمة التركية. وهنا يجب أن نتجاوز مسألة المقارنة ما بين كليجدار أوغلو وأردوغان ونطرح السؤال المهم ……
مع من تفضل الدول العظمى والإقليمية الحوار والتحدث هل هو أردوغان أم كليجدار أوغلو ؟
الجواب بات واضحاً للقاصي والداني إنه أردوغان باني تركيا الحديثة ومهندس مستقبلها فهو اليوم قد شكل مع تحالف الشعب منذ عقدين من الزمن دوراً مميزاً و نشطاً في السياسة الدولية. وكذلك في تعامله مع الأمن القومي والدفاع والسياسة الخارجية كأجزاء من الكل نفسه، يهدف إلى تعزيز المحور التركي الجديد – الذي كان قيد الإنشاء إلا وهو تركيا الحديثة.