الحرب الروسية الأوكرانية تُلقي بظلالها على السياسة الإسرائيلية

غسان الجمعة

الحرب الروسية الأوكرانية
1٬716

تستمر الحرب الروسية في أوكرانيا بالتأثير على موازين الحسابات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، الذي يعاني أصلاً من بيئة معقدة بالنزاعات والمصالح المتشابكة بين الأطراف الدولية الفاعلة في المنطقة.

وفي الفترة الأخيرة ظهرت إرهاصات الغزو الروسي لأوكرانيا على الكيان الصهيوني، الذي كان متردداً في الانحياز الكامل لأحد الأطراف، ولايزال يحاول أن يكون رمادياً تجاه الصراع الذي أشعله بوتين، فبين الروابط الإستراتيجية التي تربطه مع الغرب والمصالح الحيوية مع روسيا وجدت إسرائيل نفسها محكومةً لمواقف وخيارات يترتب عليها إما خسارتها للمكاسب والتفاهمات التي أبرمتها مع روسيا في الشرق الأوسط أو فقدانها للحليف والشريك الغربي بقيادة الولايات المتحدة.

أكار: نرفض إقحام قضية اللاجئين السوريين في السياسة

تلتقي المصالح الإسرائيلية والروسية بشكل جلي في الشرق الأوسط في ملفين رئيسين أولهما الملف السوري الذي يعدُّ الأهم ، ويقع في قبضة موسكو وتحت سلطانها السياسي والعسكري حتى الوقت الراهن، وقد زار سياسيون إسرائيليوين الكرملين بشكل متكرر في السنوات الأخيرة؛ لزيادة التنسيق مع روسيا في الملف السوري، وتحديداً تلك المتعلقة بتنفيذ تل أبيب لغارات ضد الوجود الإيراني وتأمين حدودها الشمالية.

اليوم وعلى عكس ما جرت عليه الأمور في السنوات السابقة، يبدو أن شهر العسل الروسي الإسرائيلي بات مهدداً بالزوال مع تقديم إسرائيل ما أسمته مساعدات عسكرية (وقائية) للجانب الأوكراني بالتزامن مع تصريحات روسية عن وجود مرتزقة إسرائيليين يقاتلون إلى جانب كتيبة (آزوف) الأوكرانية، التي تنعتها موسكو بالكتيبة النازية، كما انهارت اللغة الدبلوماسية الهادئة عقب حديث لافروف عن أصول هتلر اليهودية في مقاربته لوصف زيلينسكي ذي الأصول اليهودية بالنازي، وهو ما يعني ربط اليهود بالفكر النازي، وذلك يشكل لإسرائيل واليهود عموماً حساسية كبيرة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

الموقف الإسرائيلي الذي بدأ يجنح تجاه تقديم الموقف الداعم لأوكرانيا في المواجهة مع روسيا لم يمر دون محاسبة من موسكو، وإن اكتفت روسيا بالرد من خلال استقبال قيادات فلسطينية، في إشارة تحذيرية واضحة لتل أبيب، إلا أن الخوف الأكبر هو انسحاب موسكو من جملة التفاهمات الأمنية مع إسرائيل حول الغارات فوق الأراضي السورية، فالسماء المفتوحة في وجه الطيران الإسرائيلي بضوء أخضر روسي قد تعكر موسكو صفوها بطرق عديدة على رأسها الإخلال بقواعد الاشتباك وإدخال مضادات أرض جو فعّالة للمشهد الذي اعتادت إسرائيل تنفيذه بسلامة ودقة، وهو ما يؤدي إلى حالة ردع حقيقية لطالما حافظت إسرائيل على عدم وجودها وكسرها بتفوق صهيوني دائم.

من جانب ثاني تلتقي المصالح الصهيونية- الروسية في الملف النووي الإيراني، كون روسيا أحد أعضاء مجموعة الخمسة زائد واحد، التي تدرس عودة الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وعلى الرغم من أن مصالح إسرائيل محمية بقوة من قبل حلفائها الغربيين على طاولة التفاوض مع إيران، إلا أن التفاهم الروسي الإسرائيلي من الزاوية الإيرانية يرتبط بحظر توريد الأسلحة لطهران، وبناء القدرات النووية وتطويرها، والتنسيق لمواجهة التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.

مصالح كثيرة تجمع موسكو وتل أبيب بالتزامن مع حالة الاستقطاب العالمي بين الغرب وروسيا، وهو ما يسبب للكيان الصهيوني موقفاً حرجاً في سياسته الخارجية في لحظة قد لا تنفع فيها محاولاته للعب على كل الحبال، لا سيما أن أقطاب الصراع بدأت تشدّ لجهتها ما تستطيع من المواقف والدول.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط