الرواتب والحريات.. دردشات

أ. عبد الله عتر

0 791

توفر الحريات أحد الضمانات الرئيسة للبقاء، وترتبط نوعية البقاء والحياة بمدى الحريات المتوفرة.
حين يتدهور الدخل المالي للشخص، فإن حريته تتعرض للأذى؛ لأن الحرية مرتبطة بالقدرات التي يستطيع بها الإنسان تحصيل منافعه ومصالحه، وأحد العناصر الرئيسة للقدرة هو المال.
هذا بالعموم، أما إذا تضاءل الدخل المالي للموظفين العموميين (موظفي الدولة)، فإن الحريات تتآكل، ومع تآكلها يبدأ الفساد مباشرة، وكلما ارتقى المنصب العمومي وزادت سلطته أصبح امتحان الحرية فيه أصعب، فيحتاج إلى أدوات حرية أقوى، وكفاية الدخل المالي أداة رئيسة للتحرر من الفساد والرشوة وغير ذلك.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

أعتقد أن هذه الثقافة كان لها تطبيقات مميزة في منطقة العالم الإسلامي، خاصة حين يكون المنصب العمومي له أهمية حساسة في نظر الثقافة السائدة، لنلقِ نظرةً على رواتب القضاة التي تجسد جانبًا من الحريات العامة.
ملاحظة: الدينار يزن 4.25 غرام ذهب خالص عيار 24، وبناءً عليه يساوي الدينار  242 دولارًا تقريبًا في الوقت الحالي، وكان سعر الشاة دينارًا واحدًا تقريبًا، وسعر 12 دجاجة دينارًا واحدًا.
القاضي (عثمان بن قيس بن أبي العاص) في عصر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان راتبه الشهري (16) دينارًا، وهو ما يعادل اليوم (4000 $) تقريبًا.
القضاة في عهد الدولة الأموية تقريبًا راتبهم الشهري (20) دينار ذهب، وهو ما يعادل اليوم (4800 $). .
القضاة في عهد الدولة العباسية خلال القرن الثاني يراوح دخلهم الشهري (30) دينار ذهب تقريبًا، وهو ما يعادل اليوم (7200 $).
وارتفعت رواتب القضاة خلال القرن الثالث والرابع الهجري، ففي عصر المأمون كان راتب قاضي مصر الفضل بن غانم (168) دينارًا شهريًا أي (40,000 $)، وعيسى بن المنكدر مايقارب (270) دينارًا، أي (65,000 $).

الكشف عن وثيقة سرية تبين هدف التطبيع العربي مع نظام الأسد

يذكر المؤرخ (أبو عمر الكندي)، الذي عاش تلك الفترة، أن ارتفاع رواتب القضاة بهذا الشكل بقي حتى وقته، وقد توفي هو في أواخر القرن الرابع الهجري (كتاب الولاة والقضاة للكندي، 311).
وقد وثَّق الكندي في كتابه (الولاة والقضاة) بعض الوثائق التي رآها بنفسه: “وفيما وجدت فِي ديوان بني أُميَّة براءَة زمن مَرْوان بْن محمد، فيها: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم، من عيسى بْن أَبِي عَطاء إلى خَزَّان بيت المال، فأَعطوا عبد الرحمن بْن سالم القاضي رِزقه لشهر ربيع الأول وربيع الآخر سنة إحدى وثلاث ومائة، عشرين دينارًا، واكتبوا بذلك البراءَة، وكُتب يوم الأربعاء لليلة خلت من ربيع الأوَّل سنة إحدى وثلاثين ومائة”.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط