الزواج بين الندية والرومانسية

محمد الحاج حميدي

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2017-07-25 12:46:30Z | http://piczard.com | http://codecarvings.com
0 734

محمد الحجي حميدي

الزواج سنة الله في كونه، ووسيلة لاستمرار الحياة وبقاء النسل، وسكينة النفوس، ومشاركة وتعاون على مصاعب الحياة ومشكلاتها، يبدأ بشريكين متوادين متآلفين ويكبر حتى يصبح أسرة فيها الأولاد والأحفاد، وتنبثق من خلالها الكثير من الروابط والعلاقات الاجتماعية.

ولكن مفهوم الزواج وتكوين الأسرة قد انحرف بشكل ملحوظ هذه الأيام، فكثرت حالات الشقاق والطلاق، وأصبح الأمر خارجًا عن إطار المألوف مُتفلتًا من أيدي المصلحين.

وغالبًا ما تكون الأسباب المؤدية لقرار الطلاق أسبابٌ تافهة، لم نسمع أن أحدًا في زمن آبائنا وأجدادنا قد انفصل عن شريكه لمثلها.

وإذا جلست لأحد الطرفين تسمع شكواه، يصوِّر لك الحياة مع شريكه على أنها حياة جحيمية لا تحتمل ولا تطاق، لكن خلف ستارة الأسباب التافهة هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة والضخ الإعلامي عن الحياة الزوجية.

حيث نجد أن الإعلام يفرط في إظهار الرومانسية بين الزوجين، وأن حياتهما عبارة عن طعام فاخر ونزهة وأحضان وقبلات، فتبدأ المقارنات بين ما يتم مشاهدته وبين ما يعيشه الشريك مع شريكه، بالإضافة إلى ما يتم تصفحه في وسائل التواصل الاجتماعي من مواقف ومشاهد وصور عن حياة اجتماعية يظن المشاهد أنها حقيقية.

في حين نجد أن الثقافة السائدة في مجتمعنا العربي هي ثقافة الند والخصم، فتجد الجو المشحون في الشهور الأولى من الزواج في محاولة كلا الطرفين بسط سيطرته وفرض شخصيته على الآخر، وعليه نجد أن معظم الأزواج قد وقع في إحدى الصورتين المتطرفتين، متناسين أن الحياة الزوجية هي خليط كامل من الحب والمشاكل والسعادة والاكتئاب والفقر والغنى والعسر واليسر والأمل والألم، وأن ما يتم تصديره في وسائل الإعلام هو جانب صغير ضيق لا يمثل الحياة الزوجية، وأن الندية في الزواج هي استنزاف للحظات العمر في الصراع الذي لا فائدة منه سوى قتل اللحظات الجميلة والحل الأمثل والأقوم هو ما سُميَّ الزواج لأجله بهذا الاسم.

زوجان متعاونان متشاركان على مصاعب الدنيا متقاسمان لحظاتها الجميلة متجاوزان عثراتها يغضان الطرف عن زلات بعضهما البعض، تستقيم دنياهما وتسعد حياتهما، وهذا هو الزواج الحق ومؤسسته التي تبني الأسرة وتساعد في إعمار الأرض وخلافة الإنسان فيها.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط