ربما ستكون هذه آخر صفحة أكتبها في أعداد حبر المطبوعة منها والإلكترونية، بشكل مؤقت على أقل تقدير، فقد قرر الأصدقاء العاملون في الصحيفة إيقاف إصدار العدد الإلكتروني بعد تعذر الاستمرار في طباعته، والاكتفاء بالعمل والكتابة والمتابعة ضمن الفضاء الإلكتروني الأرحب للموقع، حيث لا صفحات محددة ولا أعداد أسبوعية، إنما مقالات يومية كثيرة، تتوازعها تصنيفات متعددة لا تحتاج أعباء التصميم ولا تنتظر موعد إصدار العدد الأسبوعي، فهي متعالية على الزمان والمكان، وليدة ساعتها ومتفاعلة مع حدثها ووقتها بيسر وسهولة.
وفيما يظهر أنه آخر صفحة أكتبها تتوارد إلى ذهني موضوعات كثيرة تحتاج مساحات من النقاش والكتابة، ليس أولها واقع التعليم في جامعتي حلب وإدلب، وانفصاله عن أبعاده الأخلاقية والعلمية الرصينة والمميزة، التي أُنشئت الجامعتان من أجل تقدمة تجربة فريدة في هذين المجالين، بالإضافة إلى ضيق الأفق عند الكثيرين من الأساتذة والمدرسين، وإعادة استنساخ فساد التعليم والمعاملة التي عايشوها في جامعات النظام السوري، وغير ذلك من مجموعة قرارات حمقاء تصدر بين وقت وآخر لتكرس ذهنية استبدادية لا تليق مع فضاء الحرية.
الأمر الآخر هو ما يعانيه التعليم بشكل عام، وكنت قد كتبت عن هذا غير مرة، لكن يبدو أن المجالس ومن يقوم عليها ومن تصدّى مؤخرًا لإصدار مناهج جديدة، جميعهم يرغبون بالإساءة للتعليم، أو أنهم يجتهدون فيما لا خبرة لديهم في ميدانه ولا معرفة عندهم تسند ما يقومون به من أعمال، وهذا ما أظهرته الكارثة الأخيرة لرسوم كتاب السيرة، وما بعد تلك الرسوم من كارثة أكبر في منهجية الكتاب، وما يطرحه من أسئلة ومعلومات وفلسفةٍ لا تصلح بأي شكل لتلميذ يتعلم الكلام وأوليات القراءة والكتابة ومبادئ الحساب البسيط والعدّ بالأصابع.
غير ذلك ما ابتلينا به من ترويج سافل لشذوذ ما يُدعى بالمثلية ومحاولات أوروبا الخسيسة لطرحها بالإجبار وعدم احترام أديان الشرق وعاداته وتقاليده، فضلاً عن عدم احترام مسيحيّتهم وإذلالها وتغييرها كيفما شاؤوا، وما يتبع ذلك من تيارات نسوية علمانية راديكالية أصبحت تملأ بلادنا، وتتدخل بشكل سافر في شؤوننا في غفلة أو تغافل من البعض، ليس آخرها ما فعله ما يُدعى بمجلس الكنائس الذي عقد بكل صفاقة وامتهان آخر ورشاته في عفرين ليُصلح أمور المسلمين ويقضي بها!!
موضوعات كثيرة سأحاول أن أتناولها بتفصيل أكبر في الأيام القادمة، مستغلاً المساحة الأوسع في فضاء الموقع الإلكتروني لصحيفة حبر، التي تسمح أيضًا بنقاش هذه الموضوعات بشكل مباشر لمن يرغب، أمّا عن هذه الصفحة فهي الأخيرة فعلاً حتى إشعار آخر، وحتى ذلك الوقت، سنستمر في الكتابة تحت اسم هذه الصفحة على الموقع مباشرة … والسلام.