العيدية في إدلب طقوس يحكيها الآباء ويفقدها الأبناء رغم حضورها الخجول

سوسن الحسين

0 1٬678

سوسن الحسين

ترتسم الابتسامة على شفتي أم نادر 49 عامًا مهجرة من ريف حماة الغربي وهي تستمع لحديث طفلتيها التوأم عن العيدية، إذ تتمنيان لو أن جدهما مايزال على قيد الحياة ليجربن القصة التي روتها لهما جارتهما عن العيدية، وكيف استطاعت ذات مرة تضليل جدها الضرير بعد أن انتحلت شخصية اختها النائمة فأخذت العيدية مرتين.

مزيج من مشاعر الحزن والفرح تشعر بها (أم نادر) في تلك اللحظة، فمدينة إدلب التي تقطن فيها وعائلتها تخلو من الأقارب الذين يحلم أطفالها بمعايدتهم، كما أنهم لم يستلموا العيدية المتواضعة، حسب وصفها، إلا من والديهم منذ تهجيرهم.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

أما (أبو محمد) مهجَّر من ريف إدلب الجنوبي، فيحرص على إحياء طقوس العيد بكل تفاصيله في مخيم (الرابية) شمال إدلب وخاصة العيدية، يقول: “رغم سوء الأوضاع المادية إلا أنني أحاول توفير نقود لتوزيعها على أطفال المخيم الذين للمعايدة، إنه عيد الأطفال، وعلينا إفراحهم في عيدهم.”

يقول (أبو صفوان) الذي يحمل في ذاكرته حكايا العيدية: “في طفولتي كنت أصطف في طابور منتظرًا دوري لأجل العيدية.”

أطفال (أبو صفوان) باتوا يعرفون هذه التفاصيل جيدًا، فهو يكرر هذه الذكريات باستمرار عليهم، وخاصة حين يقارن بين أجواء العيد في خيمته وبين ما يتذكره من طفولته.

 

يحرص الكثير من الآباء والأجداد رغم سوء الظروف المادية على إحياء طقوس العيد التي اعتادوا عليها، يقول من التقيناهم: إن الفرح بالعيد هو تعظيم لشعائر الله، والعيدية هي إحدى أبرز هذه الطقوس.

 

ولا تقتصر العيدية على الأطفال، بل يتلقى موظفون وعمال عيدية من رؤساء عملهم كتعبير عن امتنان أرباب العمل لجهودهم المبذولة في شهر رمضان، وأحيانًا تكون العيدية على شكل بطاقة شكر، يقول (أحمد) متطوع في فريق تطوعي: إنه فرح ببطاقة مميزة مخصصة للعاملين الميدانيين في الفريق فكانت معايدة مميزة، حسب تعبيره.

كذلك من الطقوس في بعض المناطق أن تنتظر الزوجة من زوجها هدية العيد، إما على شكل مبلغ مادي بسيط، أو هدية عينية، أو قطعة من الذهب سابقًا، تقول (منال) من قلعة المضيق: إن زوجها كان يحرص على تقديم هدية العيد ومايزال، لكن الظروف اختلفت، فالهدية التي أهداها إليها زوجها في العيد الماضي كانت مبلغًا ماديًا ادخرته مع مبلغ سابق.

اقرأ أيضاً: درعا تنتفض مجدداً بوجه الأسد: لا تنتخبوا الطاغية

تراوحت قيمة العيدية التي تلقتها (هدى) ذات الثلاثين عامًا في طفولتها بين 5 ليرات، 25 ليرة سورية، فكلما كبرت كانت تزداد العيدية، تشرح كيف أنها كانت تتسابق مع صديقاتها في تجميع أكبر مبلغ من المال، وتعيش (هدى) الفرحة نفسها كلما شاهدت سعادة ابنتها يوم العيد، لكن (هدى) كانت تجمع الكثير من العيديات وتخصص حصَّالة خاصة لهذا، بعكس هذه الأيام، فالإخوة والأعمام والأخوال كل منهم في مكان، فمنهم من هاجر خارج سورية، ومنهم من سكن في مناطق متفرقة ومنهم من استشهد، بينما تحصل ابنتها على عيدية منها ومن بعض الصديقات في حال اجتمعنَ في العيد.

 

ويُنشر كل عام عبر معرفات بعض الفرق التطوعية على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات لتوزيع ظروف مختومة فيها عيديات للأطفال في الحدائق والأماكن العامة، في محاولة منهم لإسعاد الأطفال الذين حرموا فرحة العيد في قراهم وبيوتهم، ويأمل من التقيناهم أن يكون العيد القادم في منازلهم.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط