الفخامة.. سنة نبوية عريقة

عبد الله عتر

0 2٬358

 

 

“أن نعيش حياة فخمة”..

هذا هو المغزى العميق والعلامة الفارقة التي تأسست عليها طريقة الرسول وأخلاقه في العيش وإدارة الحياة الخاصة والعامة، حين وُصف بالقول: ((كان رسول الله فخماً مفخَّماً)).

هذه العبارة كانت تتردد في خير القرون حين أراد بعض الصحابة أن يستنبط الحلقة المركزية التي تنعقد داخلها كل شمائله وأخلاقه.

سنجد لمسة الفخامة حاضرة بقوة في شؤون الحياة الكبيرة وتفاصيلها الصغيرة .. فخامة المعشر أنه “لين العريكة، دائم البشر، سهل الخلق”، وأنه “دمث ليس بالجافي ولا المهين، يتفقد أصحابه”، وكان “يسأل الناس عما في الناس، يُحسِّن الحسن ويقويه, ويقبح القبيح ويوهنه”..

الأردن: الحل في سورية معدوم إلا في هذه الحالة!

 الفخامة مع الناس كان “يخْزِن لسانه إلا مما ينفعهم ويؤلفهم ولا يفرقهم”، و”أفضلهم عنده أعظمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة”.. وفي فخامة اللقاء كان ” يبدر من لقي بالسلام”

وفي فخامة استثمار الموارد كان “يُعظِّم النعمة وإن دقّت”، وفي فخامة الشخصية كان “دائم الفكرة، لا يستفزِّه أحد”

وفي فخامة التخطيط للمستقبل كان صلى الله عليه وسلم “لكل حال عنده عتاد” أي أن لديه خطة مسبقة لكل حالة متوقعة أو بعيدة التوقع، في كل حال وموقف لديه تحضير وتدبير مسبق..

وفي فخامة الكلام كان “يتكلم بجوامع الكلم، فصلٌ لا فضول ولا تقصير”، وكان يمشي مع الحقيقة حيثما مشت “لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه”..

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

وكان “يعطي كل جلسائه بنصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة، لم يرد إلا بها أو بميسور من القول، قد وسِع الناس منه بسطته وخلقه، فصار لهم أباً، وصاروا في الحق عنده سواء”

هذه الفخامة تركت أثرها على تداول الرأي أمامه فكان الناس “لا يتنازعون عنده، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم”.

والفخامة في لباسه ومشيه وابتسامته ومزاحه، وفي وعده وموعده، وتعامله مع العدو والصديق، كان فخماً في أحوال الغنى والفقر، في قلب الحرب وفي أيام السلم، في الصحة والمرض.

لأن الفخامة طريقة في التفكير والعيش والشعور والتصرف، وليست كمية عمياء من الموارد، التي يتم التباهي بها اليوم وتصبح طريقاً للكبرياء، فالفخامة تتناقض مع الكبر والرياء والتمظهر أمام الناس، وهي من كلّ شيء أوسطه وأقومه ومن الأخلاق أرفعها ومنتهاها، اللهم صل على نبيك محمد نبي الفخامة.

نحتاج اليوم أن نلتزم بهذه السنة النبوية ونترجمها عملياً وإجرائياً في شؤوننا المعاصرة، وأن نجعل الفخامة أحد معايير العمل ومؤشرات الأداء في الحياة الشخصية والأسرية والمهنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، نتحدث عن عائلة فخمة ومجتمع فخم وشوارع فخمة ونظام تعليم فخم وجيش فخم وبيئة عمل فيها أكبر قدر ممكن من الفخامة، وشباب فخم مرتب.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط