قاسم درويش |
انخفض منسوب نهر الفرات إلى مستويات قياسية هي الأولى بتاريخ النهر، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية لسكان حوض الفرات في سورية والعراق، بسبب حجب الجانب التركي لمياه النهر، بحيث بات لا يتجاوز 200 متر مكعب في الثانية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للاتفاقية الموقعة بين سورية وتركيا عام 1987؛ حيث التزمت تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسورية.
وجاء انخفاض مستوى مياه النهر نتيجة حبس تركيا للمياه بعد أن أقامت 5 سدود عملاقة على نهر الفرات في إطار مشروع الغاب الذي بدأت العمل فيه بسبعينيات القرن الماضي وما يزال العمل جاريًا في سدين آخرين.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
ومن بين السدود المقامة على النهر سد أتاتورك العملاق الذي انتهت من العمل به عام 1990، وتبلغ الطاقة التخزينية لبحيرة السد 48 مليار متر مكعب.
ولا تزال تركيا ماضية في بناء المزيد من السدود على نهري الفرات ودجلة اللذين يمثلان شريان الحياة لسورية والعراق.
وأدت المشاريع التركية إلى تراجع حصة العراق من النهرين بنسبة 80 في المئة حتى قبل الأزمة الحالية بينما حصة سورية انخفضت بنسبة 40 في المئة.
وحسب القانون الدولي فإن نهر الفرات هو نهر دولي؛ لأنه يعبر عدة دول، وكان النهر عبر التاريخ مصدرًا للنزاعات بين سورية والعراق وتركيا.
ضحايا وضرر
سكان شرق الفرات المتضرر الأكبر من حبس المياه، في ظل اعتماد غالبية السكان على الزراعة المروية، حيث تروى محاصيلهم من قنوات ري أقيمت على النهر، ويعدُّ هذا العام هو الأكثر جفافًا في المنطقة نتيجة قلة سقوط الأمطار، الذي أدى لفشل المحصول البعلي، وبالإضافة إلى ذلك اعتمادهم بتوليد الكهرباء على السدود المقامة على نهر الفرات (تشرين والفرات)، بعد أن أخرج هذا الانخفاض الشديد مؤخرًا في مياه البحيرتين معظم عنفات توليد الكهرباء المقامة على السدين من الخدمة، بسبب عدم توفر المياه، واضطرت الإدارة الذاتية إلى تقنين الكهرباء لساعات طويلة تصل إلى ثلاث ساعات توصيل فقط، وكذلك خروج عدد من محطات مياه الشرب عن الخدمة نتيجة انخفاض منسوب المجرى لما يقارب مترين، الأمر الذي استدعى توصيل أنابيب سحب المياه من النهر.
اقرأ أيضاً: الإيمان وجوهر السعادة
وواقع الثروة السمكية ليس أفضل حالاً بسبب تزامن حدوث الانخفاض مع موسم التكاثر بالنسبة إلى الأسماك التي تضع بيوضها بين الأعشاب النهرية التي تراجع مجرى النهر عنها للوسط، ما أدى إلى نفوق الكثير من الأسماك الصغيرة وانقراض أنواع منها.
مطالبات خجولة
واتهم رياض درار رئيس (مسد) الجناح السياسي لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، تركيا باستخدام المياه كسلاح لتصبح المنطقة تحت طوعها، وحذر من تداعيات مخيفة في حال استمر حبس مياه نهر الفرات، وقال إنهم سيطالبون فرنسا والدول الأوربية للضغط على تركيا.
https://hawarnews.com/ar/mobile/?page=haber&ID=49604
وأضاف: “المشكلة تتعلق بالواقع السوري السيء المتراجع وبضعف الحكومة السورية التي لا تفكر إلا بوجودها واستمرارها وبقائها في المواقع التي هي فيها دون رعاية حقيقية لشعبها”.
ليطالب نظام الأسد عن طريق وزير الموارد المائية حكومة عرنوس “تمام رعد” الجانب التركي بإطلاق المياه في نهر الفرات وفق الحصة العادلة لسورية والعراق، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للتدخل في هذا الشأن.
ويرى ناشطون أن تركيا تحبس المياه لمحاربة الإدارة الذاتية التي تُدار من قبل كوادر حزب العمال الكردستاني، العدو التاريخي لها، داعين لضرورة عدم استفزاز تركيا برفع صور عبد الله أوجلان الأمر الذي يعدُّ دخيلاً على المنطقة، لا سيما وأن غالبية سكانها عربًا وينتمون لعشائر وقبائل.