ما هو الطريق الذي علينا أن نسلكه للدفاع عن اللاجئين السوريين هل نتبع الطريق القانوني أم السياسي أم الاثنين معاً
من الناحية القانونية:
الموضوع معقد يحتاج زمن طويل للحصول على سابقة قانونية، وإن حصلنا عليها في دولة ما قد لا تطبق في دولة ثانية بسبب دفوعات تلك الدول بأنها ليست طرفا في اتفاقية جنيف كما هو الحال في لبنان
لبنان ليس طرفاً في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وليس لديه أي إطار قانوني شامل يرعى اللاجئين وطالبي اللجوء. يعترف القانون اللبناني للأجنبي “المهددة حياته أو حريته لأسباب سياسية”، بحق التماس اللجوء في لبنان ولا يوجد في القانون الوضعي اللبناني سوى عدد محدود من الأحكام المتعلقة بقضايا اللجوء
استناداً إلى اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، تتمثل المهمة الأساسية للمفوضية في ضمان الحماية الدولية للمهجرين في جميع أنحاء العالم
تدعم المفوضية حقوق الإنسان الأساسية للاجئين وتضمن عدم إعادتهم بشكل قسري إلى بلد يواجهون فيه الاضطهاد. ومساعدهم على العودة إلى وطنهم عندما تسمح الظروف بذلك أو الاندماج في دول اللجوء أو إعادة توطينهم في بلدان ثالثة. كما تدعم اتفاقيات اللاجئين الدولية وتساعد الدول على إنشاء هيكليات لجوء وتعمل كجهة رقابة دولية على قضايا اللاجئين.
الاتفاقية من الناحية النظرية مهمة، لكن من الناحية القانونية لا يوجد لديها أدوات قانونية تُلزم الدول بالتنفيذ على ما تشترطه عليها أو التقيّد ببنود الاتفاقية وهي جهة رقابية ولا يوجد لديها أدوات تنفيذية وهذا منصوص عليه صراحة بالاتفاقية.
إضافة الى تنوع وضع اللاجئين السوريين في الدول منهم لاجئ ومنهم حماية مؤقتة ومنهم مخيمات على الحدود وهناك قلة نادرة منهم تندرج تحت صفة لاجئ سياسي أصلا هم حصلوا عليها قبل الثورة السورية وعدد من الدول الان تشمل حتى السوريين المقيمين على أراضيها منذ عقود في عداد اللاجئين مثل لبنان
من الناحية القانونية لا مانع من العمل بالطرق القانونية للدفاع عن اللاجئين، لكن الأمل بالحصول على نتائج إيجابية لصالح اللاجئين ضئيل إن لم نقل أنه معدوم.
من الناحية السياسية:
منذ وصول اللاجئين الى تلك البلدان نجد أن الموضوع أخذ الصبغة السياسية حيث أن بعض الدول المستضيفة لهم تحملهم وزر ما يحدث فيها من اختلافات وأزمات سياسية علاوة عن الأزمات الاقتصادية وحتى البيئية، مثل لبنان، ونقص المياه كما في الأردن، واستثمارهم كأوراق سياسية من قبل الأحزاب في أوروبا وتركيا
من جهة أخرى يبتز النظام السوري الدول سياسيا بموضوع اللاجئين، عبر عقد مؤتمرات برعاية روسيّة في دمشق لعودة اللاجئين، والهدف لم ليس إنسانيا بل سياسياً، وذلك لإظهار التدخل الروسي على أنه استطاع القضاء على الإرهاب في سوريا، وأن من غادر سوريا كان بسبب الإرهاب لا بسبب طائراتهم وغازات النظام وبراميله والقصف الروسي ….
وحقيقة الأمر أن النظام لا يرغب بعودة أي لاجئ، كونه وإيران لديهم خطة لتهجير الشعب السوري وتكوين ضواحي إيرانيين فيها وآخر تصريح بالأمس من قبل إيران كان أنها لا تمانع من تملكها أراضي بسوريا بدلاً من الديون المالية على النظام.
الاستثمار السياسي بمسألة اللاجئين السوريين في أحسن بازاراته والكل يبيع ويشتري دون أخذ رأيهم أو رأي من يمثلهم، والاكتفاء من قبل الجميع بإصدار البيانات والتغريدات من قبل المتضامنين معهم، وهذا نثمنه ونقدره، لكن لا يجب أن تكتفي الأمم المتحدة ومفوضياتها بدور الناشط، هنا تكمن المشكلة، فأدواتها لا تختلف عن أدوات الناشطين والحقوقيين، مما يؤكد عدم قدرتها القانونية عن الدفاع عن اللاجئين، ولابد من التفكير بإيجاد آلية محاسبة يمكن تنفيذها
الثوابت التي يجب العمل عليها:
- رفض تدخل أي دولة لا يوجد فيها لاجئين سوريين بمعنى اللاجئين قانونياً بالحديث عن عودتهم أو التواصل مع النظام بقضية اللاجئين او حتى ربط تطبيعهم مع النظام بقضية اللاجئين
- الدول التي فيها لاجئين عليها ربط عودة اللاجئين بالحل السياسي كما هو حال ربط قضية إطلاق سراح المعتقلين كونهما قضيتين مترابطتين اليوم اللاجئ في لبنان مقيد ومعتقل، كذلك الأمر أقبية النظام تغصّ بالمعتقلين والمغيبين. وهناك دول لازالت تربط عودتهم بالحل السياسي والعودة الطوعية والآمنة مثل تركيا التي فيها أكبر عدد منهم.
- على الدول التي تمارس الضغوطات عليهم وتسلّمهم إلى النظام مثل بعض الجهات لبنانية عليها سحب قوات حزب الله من سوريا أولا
- على المعارضة السورية رفض أي مبادرة تطرح عودة اللاجئين من لبنان إلى مناطق قسد، كون ظاهر المبادرة انساني وباطنه سياسي وكان يجدر بقوات قسد أن تسمح للأهالي التي هجرتهم في سوريا بالعودة الى منازلهم وأراضيهم في المناطق التي تسيطر عليها.
- عدم طرح اعادتهم الى الشمال السوري لعدم فتح باب للدول لترحيلهم منها، كون هذا الطرح سيترتب عليه نتائج اقتصادية خطيرة على سكان المنطقة وعلى العائدين إليها، وخاصة أن موضوع تمديد قرار المعابر لازالت تتحكم به روسيا وستجد نفسها أمام فرصة بعدم التمديد للمعابر لحصار المنطقة وإجبار سكانها الحاليين والمرحلين إليها على القبول بالنظام وهذا من أخطر الأمور.
علينا استبعاد هذا الطرح بشكل قطعي إلا لحالات العودة الطوعية من تركيا الى أبناء تلك المناطق وتأمين العيش الكريم لهم
- الموافقة على إعادة التوطين من لبنان والأردن في بلد آخر الى حين تطبيق الحل السياسي
- الإشارة الى الموقف الإيجابي المصري حتى اللحظة من اللاجئين السوريين في مصر شعبا وحكومة رغم الزيارات الأخيرة بين الخارجية المصرية والنظام
- تحميل المنظمات والمفوضيات وكل من يطالب بترحليهم واعادتهم مسؤولية المصير الذي ينتظرهم من قبل النظام وأجهزته الأمنية
النتيجة: التوصل إلى آلية للدفاع عن اللاجئين:
اللاجئ السوري ضحية للمساومات السياسية ومشمول ببعض القوانين الدولية نظريّاً ومستثنى من تطبيق الأحكام القضائية الواجبة التطبيق لعدم وجود أدوات تنفيذية.
بالدرجة الأولى آلية الدفاع عنهم سياسية تتجلى بالثبات على البنود الثمانية ويمكن إضافة بنود جديدة إليها.
ترافقها حملة قانونية تبين للجميع عواقب إعادة اللاجئين إلى النظام وتحميل الجهات المختصة مسؤولية إعادتهم وعدم الدفاع عنهم وحمايتهم، ولو مسؤولية معنوية، والطلب من الدول التي تستضيف اللاجئين وخاصة الأوروبية والأمريكية إصدار قوانين عقوبات بحق الأشخاص والأحزاب التي تمارس العنصرية على اللاجئين في الدول المستضيفة لهم على غرار قانون قيصر للحدّ من العنصرية تجاههم وهذه هي الالية التي ذكرناها والتي يمكن تنفيذها، ومن خلال الطلب من أمريكا إصدار هذا القانون نستشف موقفها الحقيقي من مسالة تطبيع الدول العربية مع الأسد
فرض عقوبات تجبر الحكومات وأجهزتها على عدم تبنى الفكر العنصري لتلك الجماعات والأحزاب حتى لا تكون تلك الممارسات مقوننة ومشروعة من قبل الحكومات وتجعل الدول تفكر من جديد بمسالة التطبيع كوننا وضعنا فيتو على عودة اللاجئين وإعادة الاعمار معاً من نفس الجهة نتيجة للعقوبات
معالجة قضية اللاجئين لا تتم عبر حالات معينه الآن في لبنان وبالأمس كانت بصحراء الجزائر وقبلها بالركبان، وغداً في بلد آ،خر القضية وحدة متكاملة يجب إعداد ملف للإدارة الامريكية يُوضح فيه نوايا الأسد وإيران وروسيا وموقفهم من عودة اللاجئين الحقيقي، والنوايا المبيتة لهم لإخضاعهم وربط ملف اللاجئين السوريين باللاجئين الأوكرانيين التي هجرتهم روسيا من بلادهم كما هجرت السوريين والتي ستعمل روسيا على طلب عودة اللاجئين الأوكرانيين إلى بلادهم بعد أجبارهم على التصويت للانفصال عن أوكرانيا والانضمام إليها إن لم تنتصر أوكرانيا على الغزاة، المسالة تحتاج الى دراسة شاملة لإصدار القانون للتخفيف عن اللاجئين وسحب باب المساوة السياسية عنهم.