أعلنت “اللجنة القضائية العليا للانتخابات” التابعة للنظام السوري نتائج انتخابات “مجلس الشعب” للدور التشريعي الرابع، التي جرت يوم الإثنين الماضي. تضمنت قوائم الناجحين عدداً من قادة الميليشيات التي قاتلت مع النظام السوري وارتكبت مجازر مروعة في مختلف المناطق السورية، بالإضافة إلى عدد من تجار الحرب.
وزعم رئيس اللجنة، القاضي جهاد مراد، في مؤتمر صحفي بمبنى وزارة العدل في حكومة النظام، أن “الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان النتائج، التي عكست أوسع تمثيل للشعب السوري بمختلف فئاته وقطاعاته”، بحسب وصفه.
وأشار مراد إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 38.16 بالمئة، مؤكداً إمكانية تقديم الطعون في نتائج الانتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا أيام الجمعة والسبت والأحد.
وادعى مراد أن “الفائزين بالعضوية يمتلكون الكفاءات العلمية والخبرات المختلفة والحيثية الاجتماعية، الأمر الذي يتيح للمجلس الجديد أداء دوره الوطني على أكمل وجه”.
وفي الوقت نفسه، كتب المرشح أثير العلي سوار من القرداحة منشوراً اشتكى فيه لرئيس النظام بشار الأسد بوجود تزوير وشراء أصوات قال فيه: “أناشد السيد الرئيس قائدي وقائد العالم الدكتور بشار الأسد عن ما حصل في انتخابات مجلس الشعب لريف دمشق من حالات تزوير قام بها بعض المرشحين حيث قال المال السياسي كلمته وتم شراء بعض ضعاف النفوس من رؤساء مراكز ورؤساء بلديات وأمناء فرق ولدينا ما يثبت ذلك من شهود وفيديوهات موثقة للتلاعب وتنزيل الهويات والقوائم الجاهزة في بعض المراكز الانتخابية وحضرتكم الذي قلتم أننا لا يجب أن نسكت على الغلط وسيادتكم قد أكدتم أكثر من مرة في خطاباتكم واجتماعاتكم الحزبية على مكافحة ومحاربة المال السياسي وهناك شخصين معنيين بهذا التزوير الذي حصل”.
وكشف مراسل “قناة الميادين” المقربة من حزب الله، رضا الباشا، عن وجود 778 صوتاً مزوراً في 3 صناديق بريف حلب. وقال في منشور: “في مناطق حلب من أسماء ونتائج والله أخجل أن أقول إنها من مناطق حلب، فكيف سنقول إنها تمثل مناطق حلب في أهم سلطة من سلطات البلاد”.
ووفقاً لوكالة أنباء النظام “سانا”، انتهت الانتخابات عند الساعة التاسعة من مساء الإثنين الماضي، في مراكز الاقتراع بالمحافظات البالغ عددها 8151 مركزاً، وتنافس فيها 1516 مرشحاً، 409 منهم في القطاع أ، و1107 في القطاع ب، للفوز بعضوية “مجلس الشعب” المؤلف من 250 مقعداً.
وقامت وسائل إعلامية باستطلاع آراء العديد من السوريين في شوارع دمشق حول الانتخابات، حيث أكد 20 شخصاً من أصل 25 أنهم لم ولن ينتخبوا، إن لم يحصل شيء يشير إلى تغيير جذري وفعلي في الانتخابات، مؤكدين أنه “مع تصويتهم أو بدونه، لن تتغير النتائج”. وأشار الخمسة الذين انتخبوا ممن استُطلعت آراؤهم إلى أنهم إما باعوا أصواتهم لمندوب عبر منحه البطاقات الشخصية للعائلة مقابل 50 ألف ليرة، أو أنهم انتخبوا أحد مرشحي المنطقة التي يقطنون فيها.
وافتتحت مراكز الاقتراع، البالغ عددها 8151 مركزاً، عند الساعة السابعة صباحاً يوم الإثنين، وأغلقت عند الساعة السابعة مساءً، بمشاركة 1516 مرشحاً لعضوية “مجلس الشعب” المكون من 250 مقعداً.
وقبل الانتخابات بيوم واحد، كشف رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات، جهاد مراد، الأحد، أن أكثر من 7400 مرشح من إجمالي 8953 انسحبوا نهائياً من السباق الانتخابي، بعدما بتت اللجان القضائية الفرعية بطلبات انسحابهم، دون أن يوضح أسباب الانسحاب.
سيطرة مطلقة لحزب البعث وسط فضائح واتهامات
في نتائج انتخابات مجلس الشعب السوري، أظهرت المقارنات أن جميع مرشحي حزب البعث الـ 169 ضمن قوائم “الوحدة الوطنية” فازوا دون خسارة أحد، ليحجزوا بذلك 67.6% من مقاعد المجلس الـ 250. هذا التمثيل يعد الأعلى لحزب البعث منذ عام 2003، حيث كان تمثيله في الدورات السابقة أقل. ففي دورتي 2020 و2016 كان تمثيله 166 مقعداً، و160 في دورة 2012، و135 في 2007، و131 في 2003، على الرغم من إلغاء المادة الثامنة في دستور 2012، التي كانت تنص على أن “حزب البعث هو الحزب القائد للمجتمع والدولة”.
وبالنسبة للأحزاب المتحالفة مع حزب البعث في قوائم “الوحدة الوطنية” (الجبهة الوطنية التقدمية سابقاً)، فاز جميع مرشحيها وعددهم 16، ليحجزوا 6.4% من مقاعد المجلس.
من بين قوائم المستقلين، فازت أربع نساء فقط من أصل 65 مقعداً، وهن: هبة خضرة ونهى محايري في دمشق، وماريا مانوك في حلب، وعروبة محفوض في حماة، بينما لم تفز أي امرأة في محافظتي السويداء والقنيطرة. كما أظهرت النتائج أن غالبية الفائزين من مرشحي “حزب البعث” و”الوحدة الوطنية” حصلوا على ضعف عدد أصوات غالبية الفائزين من المستقلين، وفي بعض القوائم وصلت النسبة إلى نحو 4 أضعاف.
أعلى نسبة أصوات حصل عليها المرشح معلا الخضر في حمص (عن حزب البعث) بلغت 654,989 صوتاً، بينما حصل المرشح المستقل أحمد الخلف في الرقة على أقل نسبة أصوات بلغت 13,137 صوتاً فقط.
من بين الفائزين، ظهرت أسماء تعرف بأنها “شخصيات عامة”، مثل رجل الأعمال محمد حمشو (مستقل) المدرج على قوائم “عقوبات قيصر”، والإعلاميين رائدة وقاف ونزار الفرا، إضافة لرئيس نادي الفتوة مدلول العزيز (مستقل). في المقابل، خسر كل من المنتج محمد قبنض وكابتن منتخب سوريا السابق ماهر السيد.
كما فاز أشخاص متهمون بارتكاب انتهاكات وجرائم خلال السنوات السابقة، بينهم القيادي في “الدفاع الوطني” بدير الزور فراس الجهام، وقائد مجموعة “رديفة” لقوات النظام في إدلب أحمد المبارك، إضافة لنائب قائد “كتائب البعث” مجاهد اسماعيل، وابن عم رئيس النظام، عمار بديع الأسد.