تشهد مدينة إدلب أزمة مياه خانقة، دفعت السكان إلى الاعتماد على الصهاريج لتأمين حاجاتهم من المياه، ما أدى إلى ارتفاع الطلب عليها بشكل ملحوظ، خاصة مع غياب حل دائم من قبل المؤسسة العامة لمياه الشرب. ويعتبر الأهالي أن المؤسسة تعتمد على دعم المنظمات الدولية منذ سنوات، دون وجود استدامة في الحلول.
صحيفة حبر رصدت آراء الشارع في إدلب واستطلعت مواقف بعض المواطنين وأصحاب الصهاريج، إلى جانب تصريحات من المسؤولين في المؤسسة العامة للمياه.
المدينة تئن تحت وطأة العطش
يقول المواطن محمد الأحمد، الذي يسكن في طابق مرتفع، إنه يلجأ إلى تقنين المياه باستمرار، حيث يُضخ الماء إلى منطقته مرة كل ثمانية أيام تقريباً. ويصف قائلاً: “نفاد خزان المياه الذي يسع 1800 لتر يشكل كارثة، فأضطر لسحب الخرطوم لستة طوابق وأعقد جلسة تفاوض مع سائق الصهريج لملء الخزان بسعر معقول، خاصة مع زيادة الطلب”.
بدورها، أفادت السيدة سناء لـصحيفة حبر قائلة: “عندما يتوقف ضخ الشركة العامة، يصبح أصحاب الصهاريج مثل الوزراء، وتحتاج لواسطة أو لدفع مبلغ إضافي ليقبل أحدهم بتعبئة المياه لك، رغم أن بعضهم يشكو من قلة الزبائن في الأوقات العادية”. وتضيف، “لا أفهم لماذا لا تستطيع مؤسسة المياه إيجاد حل دائم. فجأة ينتهي عقد الدعم مع المنظمة، ونجد أنفسنا مجبرين على ترك أعمالنا للبحث عن صهاريج المياه”.
المؤسسة العامة: صيانة شاملة وتجهيز لعدادات ذكية
المهندس محمد جمال ديبان، رئيس قسم الدراسات والإشراف في مؤسسة مياه إدلب، يوضح لـحبر: “انتهى عقد المنظمة الداعمة لمحطات مياه سيجر والعرشاني بتاريخ 13 أكتوبر كمرحلة أولى، ونعمل حالياً على استئناف الضخ”. ويضيف أن المؤسسة تقوم بصيانة شاملة للتجهيزات الميكانيكية والكهربائية، بالتعاون مع شركة الكهرباء، لضمان استمرارية الخدمة.
اقرأ أيضاً: المجلس الإسلامي السوري يطرح رؤية شاملة للتوافق الوطني وبناء…
وأشار ديبان إلى أن المؤسسة تعمل على اختبار عدادات ذكية، وتستعد لتركيبها في مداخل الأبنية قريباً. وأكد أن هذا الحل سيحسن الخدمة في المدينة، مشدداً على أن الخدمة ستبقى مجانية مؤقتاً، وأن موعد إعادة الضخ محدد لنهاية شهر أكتوبر الجاري بعد انتهاء أعمال الصيانة.
أصحاب الصهاريج بين ضغط العمل وارتفاع التكاليف
في حين يعتبر الأهالي أن أصحاب الصهاريج جزء من المشكلة، يرى العاملون على الصهاريج أن عملهم يتطلب جهوداً كبيرة لتأمين المياه من المناهل المتاحة، حيث يضطرون أحياناً لانتظار ساعات للتعبئة. وأوضح بعضهم أن زيادة الطلب على المياه تفرض عليهم إجراء صيانة دورية للمضخات، ما ينعكس على تكاليف التشغيل وأسعار البيع.
ويشير أحد السكان إلى أن تعبئة 1000 لتر كانت محددة بسعر 70 ليرة تركية، بينما يتراوح السعر الآن بين 90 و100 ليرة، خصوصاً للطوابق المرتفعة.
انقطاع المياه يهدد الصحة العامة
موظف سابق في شركة مياه إدلب، فضّل عدم الكشف عن اسمه، حذر من أن انقطاع المياه لفترات طويلة يشكل تهديداً للصحة العامة. وأوضح أن الصرف الصحي يحتاج إلى تدفق مستمر من المياه لمنع تراكم الأوساخ وانتشار القوارض والحشرات التي تسهم في نقل الأمراض الجلدية، ما يضطر الأهالي لتقنين الاستهلاك بشكل مضر.
تجربة العداد المأجور: خطوة ضرورية؟
من جهة أخرى، ظهرت دعوات لتطبيق نظام عدادات المياه المأجورة في إدلب، على غرار مدينة بنش، حيث يدفع السكان مقابل كل متر مكعب من المياه. ويأمل البعض أن يساهم ذلك في تحسين الخدمة وضمان استدامة التمويل للضخ والصيانة، ما قد يوفر حلاً دائماً للمشكلة.