“تذكير المجتمع الدولي بإن الأزمة السورية مستمرة ولم تنتهِ بعد” هكذا أشار بيدرسون إلى مهمته في سوريا مطالباً بوقف إطلاق النار على مستوى سوريا للمضي قدماً في مبادرة خطوة مقابل خطوة مضيفاً في الوقت نفسه أن مبادرة وقف إطلاق النار ليست شرطاً أساسياً للمضي في مساراته للحل!
بيدرسون المستثمر السياسي وليس الإنساني فقط أدرك أن العملية السياسية تحتاج العودة إلى مسارها الصحيح في إشارة واضحة إلى مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة، مع تضمين الجهود الحثيثة من أجل إيجاد حل سياسي، كما يبدو واضحاً أن مسارات بيدرسون قد بدت تظهر أنها في مأزق كبير حيث لم يقبل نظام أسد على شرط إيقاف النا، ومازالت الغارات على شمال وشمال غرب سوريا مستمرة وانتهاكات حقوق الأنسان من قبل العصابات الموالية لحكومة أسد مستمرة في جنوب سوريا ناهيك عن ملفات مهمة كالمعتقلين والمرأة، وغيرها من الملفات التي مازالت عالقة وتمر بمأزق سياسي خطير .
إن ما قدمه بيدرسون يشكل تحديثاً جديداً بسياسته حول إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا من حيث تقديم المساعدات عبر المنافذ التي تسيطر عليها حكومة أسد إلى المناطق الأخرى، تكتيك ابتعد به بيدرسون بغية استبدال البوابة التركية “باب الهوى” . لأنه أمر متفق عليه بشكل كلي مع الأعضاء، والتأكيد على ضرورة تقديم المساعدات وإيصالها عبر الإلغاء التدريجي للآلية العابرة للحدود واستبدالها بالخطوط المحلية الرسمية، وهذا ما سيحدث وما تم الاتفاق عليه مع روسيا، حيث سيتم إيقاف كافة أنواع المساعدات القادمة من تركيا إلى الشمال السوري بشكل مطلق.
وتذكر مصادر أن ما جرى في جلسة الإحاطة التي عقدها المجلس في 29أغسطس/آب ، ((لاحظت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية “جويس مسويا” أن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا قد تلقت 24 بالمائة فقط من الأموال المطلوبة)). فالأعضاء مدركين تماماً أن حكومة أسد تقوم بسرقة المساعدات وهي لا ترغب بتقديم أي شكل من أشكال العون للشعب. رغم اهتمامها الكبير بالجانب الإنساني وعمليات إيصال المساعدات سياسياً.
كلنا ندرك ما جرى في بتاريخ ٥ أكتوبر ٢٠٢٢ في اجتماعات لوسبي في أوسلو، حيث وجهت وزارة الخارجية لمملكة النرويج دعوة لبعض الشخصيات السورية لحضور اجتماع سري عُقد في فندق لوسبي، وهي المرة الثانية التي يتم فيها ذلك، وتم تناول عدة مواضيع منها دور إيران وروسيا ودول إقليمية أخرى في سوريا، ومحادثات بيدرسون التي كان هدفها إيجاد حل سياسي، ودور القوات غير الحكومية والمليشيات في سوريا.
وقد أكد الوفد بأكمله على عدم وصول بيدرسون إلى أي حل وأن مساراته لا تدعم سوى روسيا وحليفها الأسد، وقد طلب الوفد السوري عدم إعطاء بيدرسون أي تبرير لتقديم المساعدات عبر خطوط ومنافذ الأسد، وهذا ما دفع بيدرسون إلى الإسراع في عجلة العمل لديه وإطلاق التصريحات التي تحمل معاني الإنسانية في لفتة منه إلى الوضع في سوريا، رغم أن بعض التقارير الرسمية التي وصلت تفيد بإن نظام الأسد مسؤول بشكل مباشر عن تفشي الكوليرا في محاولة منه لاستعطاف المجتمع الدولي وتقديم المساعدات له .
يبدو أن الاتحاد الأوربي مدرك تماماً لفشل بيدرسون ومساراته وقد بدأ فعلياً بالتحرك مع جماعات وشخصيات سورية مقيمة في الاتحاد الأوربي، من أجل إجراء حوارات أكثر جدية لمستقبل سوريا عبر اجتماعات سرية وحوارات بين مختلف المجموعات في سوريا.