بيدرسون والدبلوماسية الفاشلة

د. نذير الحكيم

0 793

من يتابع الشأن السوري ويرى السجلات المحفوظة حول سياسة بيدرسون يدرك جمود جميع جهوده ودبلوماسيته الفاشلة، فمنذ سنة ٢٠١٨ برزت التفاصيل المحيطة بصيغة عمله على أنها لا تتمتع باستقلالية نوعاً ما، وإذا أردنا وصفها بشكل دقيق فقد كانت تتسم بنوع من أنواع الوصاية لصالح روسيا.

ولسوء حظ السوريين كان من الصعب إحراز تقدم في عمل السيد بيدرسون حتى وصلت جميع مشاريعه إلى طرق مسدودة، وذلك بسبب وضعه مسارات متناقضة بشأن عمل اللجان المشتركة، وعدم استئناف مهمتها في خلاص الشعب السوري من محنته.

أن السيد بيدرسون أصبح تقريباً مفوضاً عن بشار الأسد، ولأن القيادة في موسكو تواصل وضع استراتيجية خطوة بخطوة فما على بيدرسون إلا أن يهيئ الجو المناسب للتوصل إلى تسوية مؤقتة أو دائمة على غرار المفاوضات السوفيتية السابقة، كما حدث للمجلس الشعبي المؤقت لعموم كوبا.

نقطة الانهيار

يدرك السيد بيدرسون أن المحاولات الإضافية لحل المشكلة السورية عن طريق المفاوضات والخطوة بخطوة لن تؤدي إلا إلى تأخير إنشاء دولة موحدة مستقلة. وهي عملية التفاف على قرار ٢٢٥٤ وأن جميع خططه بشأن سوريا “غير صحيحة وغير مقبولة” وتستحق رداً وانتقاداً وكتاباً يوجه للأمم المتحدة يتلى أمام الجمعية العامة ويتحدث عن انتهاك التزامات بيدرسون حول حياديته في الملف السوري.

في كل مرة يصاب الشعب السوري بخيبة أمل من مندوبي الأمم المتحدة ولكن بيدرسون جعلنا نعبر عن حالة صدمة واستياء كبيرة. فخلف الكواليس وفي دمشق يُجري بيدرسون إعادة تقييم لخطة عمله الاستراتيجية، وعندما يحين موعد الجلوس مع المعارضة السورية يطالبهم بتقديم تنازلات. فأين ديناميكيات التفاوض التي يعتمد عليها السيد بيدرسون؟!

أصبحت هنالك حاجة ملحة إلى إيجاد مندوب جديد للقضية السورية يتبنى نهجاً جديداً تماماً ومختلفاً عما يقوم به السيد بيدرسون اليوم، لأن بيدرسون قد حرف العملية التفاوضية عن مسارها، وجعلها تسير باتجاه روسيا والنظام، وهو إن كان يدعي تمثيل جميع الأطراف، فهذا أضحى اليوم غير صحيح واقعياً

كما يجب علينا كسوريين في المعارضة أن نقدم مبادرة للأمم المتحدة تطالبهم بتنحية بيدرسون أو مراجعة خططه المنحازة، لأنه من غير المعقول ما فعله بيدرسون باختزال المفاوضات بين أطرافٍ متعددة ليجعلها تصب في رأي واحد لا يخدم إلا حكومة الأسد.

البحث عن البدائل

يمكننا أن نقول أمام الشعب السوري اليوم أن السيد بيدرسون مسؤول بشكل مباشر عن انهيار الدبلوماسية الدولية بشأن سوريا وأن جميع أفعاله تؤدي إلى استمرار حالة الانقسام والتقسيم وتساهم بشكل كبير في زيادة العنف والحرب. ويتوجب علينا مقاطعته فوراً، حسب فهمنا لدور الأمم المتحدة كشريك رسمي للشعب السوري، تعمل جاهدة على إنهاء حالة الحرب في أسرع ما يمكن حفاظاً على الأرواح والبنى التحتية في سوريا.

لذلك لا بدّ أن نسعى معهم من أجل إيجاد بديل عن السيد بيدرسون، فنحن هنا لسنا بحاجة لممثل عن بشار الأسد، وإنما بحاجة لممثل عن الشعب السوري ككل ورجل قادر على صنع سياسات جديدة تحترم التوازن بين الأطراف، لا تعتمد على سياسة “غض الطرف”.

نحن بحاجة اليوم إلى مندوب لديه معرفة حقيقية بسوريا وبلغة أهلها وتاريخها والسيد بيدرسون لا يمتلك مثل هذه الخبرة، واستمراره سيفاقم الكارثة، وسيؤدي إلى موجات نزوح وإبادات جماعية جديدة، لا تحترم مواثيق حقوق الإنسان ولا الأمم المتحدة، وجوهر المشكلة هو (الواقعية) التي يتحدث بيدرسون، والتي ستوصله إلى الفشل النهائي الذي يبدو له فقط نجاحاً باستسلام الطرف الأضعف وإنهاء المشكلة بمزيد من المجازر.

برسم الأمم المتحدة والدول الأعضاء …

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط