تداعيات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان على الساحة الدولية

0 642

غسان الجمعة

انسحبت القوات الأمريكية وحلفاؤها من قاعدة (باغرام) الجوية في أفغانستان في إطار الانسحاب الكامل الذي تجريه الولايات المتحدة من أفغانستان عقب توقيع اتفاق سلام مع حركة طالبان في الدوحة العام المنصرم، ومن المتوقع أن يغادر آخر جندي البلاد في أغسطس القادم، ولن يتبقى سوى بضع مئات لحماية السفارة الأمريكية فقط.

هذا الانسحاب له تداعيات وآثار على أفغانستان ومحيطها الإقليمي، كما أنه قد يغير الكثير من المفاهيم في لغة الخطاب على الساحة الدولية.

البداية لهذه التداعيات هي من أفغانستان ذاتها، حيث تتسارع وتيرة سيطرة طالبان على الولايات بشكل متزامن مع انسحاب القوات الامريكية، وبدأت الولايات تسقط مثل أحجار الدومينو بيد الحركة التي توقعت لها مراكز دراسات غربية السيطرة على العاصمة كابل في غضون ستة أشهر من الانسحاب الكامل.

اقرأ أيضاً: الجريمة الاقتصادية.. سورية دون طبقة وسطى

عودة هذه الحركة لتصدر المشهد السياسي هو وميض أمل لكل الحركات الإسلامية المحيطة بأفغانستان لتستعيد قوتها ونشاطها وخصوصًا تلك الموجودة في دول آسيا الوسطى، التي تربطها علاقات طيبة بحركة طالبان بحكم الجغرافيا والعِرق والثقافة، لا سيما أن واشنطن تعهدت باتفاق السلام المبرم في الدوحة مع الحركة على رفع العقوبات عن شخصيات بارزة في الحركة.

ومن جانب آخر سيشكل هذا الانسحاب من أعقد مناطق الشرق الأوسط مع تخفيض العدد والعتاد في الخليج العربي حالة من الفراغ الجيواستراتيجي كانت تشغل الولايات المتحدة حيزًا واسعًا فيه، ممَّا يعني تنافس القوى الإقليمية على ملئه، والمرشحان لذلك هما إيران وتركيا.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا 

فإيران تربطها روابط قبلية مع الأفغان عمومًا وإيدلوجية دينية مع أقلية الهزارة الشيعية الأفغانية، حيث تقاتل طهران باللاجئين الأفغان عبر ميلشيات (فاطميون) في كل من العراق وسورية، ولن تسمح بسيطرة حركة (سنية) بجوارها نظرًا لمنطلق سياستها الطائفي، وربما تتمدد في المناطق الحدودية لهذا البلد.

أما تركيا التي تسعى واشنطن لإقناعها بالبقاء في مطار كابول الدولي؛ لحمايته مقابل امتيازات مالية وعسكرية، وبحسب ميدل إيست فإنها ستكون الأوفر حظًا من غيرها لا سيما أن لدى حلفتيها قطر وباكستان علاقات ممتازة مع طالبان قد تمكنها من البقاء هناك، وهو ما قد يعزز دورها في المنطقة لتكون الشرطي الجديد للشرق الأوسط بعصا أمريكية.

الولايات المتحدة ستكون مضطرة قريبًا لتبرر انسحابها المذل أمام الرأي العام العالمي والداخلي، وعليها أن تفسر كلمة إرهاب بشكل أضيق بحيث لا يشمل مقاسه طالبان كحركة إرهابية، ولن تتضح أسباب هذا الانسحاب لنرى آثاره، لا سيما أن روسيا تتعامل بحساسية مع ما أسماه لافروف الانسحاب المتسرع للناتو في وقت يكتسب فيه تنظيم داعش أراضي في شمال أفغانستان، وهو ما قد يكون مطلبًا أمريكا فعلاً من خلال جماعات تقلق روسيا وتهددها، وفي الوقت نفسه تطحن بعضها البعض في فترة فراغ السلطة.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط