تركيا والإمارات.. تقارب اقتصادي يتجاوز السياسة

غسان الجمعة

0 1٬776

 

جدل واسع أُثير حيال زيارة ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد لأنقرة ولقائه الرئيس التركي أردوغان، حيث سرعان ما تمّ تفسير هذه الزيارة من قبل المناصرين للسياسة التركية على أنها إذعان إماراتي أمام أنقرة، ورضوخ تام بعد سنوات من القطيعة والخلاف السياسي.

بالمقابل سارعت القنوات الإعلامية لدول ما بات يُعرف بالرباعية العربية (الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين)، التي تتحرك بسلوك معاكس تمامًا للسياسة التركية بوجه عام، إلى تبرير هذه الزيارة من خلال قراءات الانهيار الذي تعانيه الليرة التركية والضغط الاقتصادي الداخلي عمومًا، حيث رأت أن الزيارة تأتي بعد التنازلات التركية في ملفات سياسية عديدة في المنطقة.

لم تعد السياسة الخارجية للدول تُفسَّر بالأخذ والرد واحتساب النقاط على بعضها البعض بقدر ما يتم تفسيرها اليوم على أساس المنفعة والقدرة على التأثير وبناء المصالح من وجهة نظر كل طرف.

فالدوافع الإماراتية نحو الانفتاح على أنقرة تختلف عن الأسباب التي حدت بالأخيرة إلى تقوية علاقاتها مع الإمارات في ظل هذا التنافس والصراع الإقليمي الذي يلعب فيه الطرفان دورًا قويًا على طرفي نقيض.

فالفرص الاستثمارية الواعدة في تركيا ومكانتها في التجارة الدولية ليست سببًا ثانويًا بالنسبة إلى الإمارات للتقارب مع تركيا كون اقتصادها يقوم على التجارة والخدمات المالية إلى جانب النفط.

نظام الأسد يرد على أنباء خروج تعليمه من مؤشر دافوس

وقد أوضحت وكالة بلومبيرغ أن شيوخ دبي هم من ضغطوا تجاه عودة العلاقات مع تركيا وإيران، بعد الأثر السلبي على اقتصاد الإمارة الذي تسببت فيه سياسة أبو ظبي كونها تقود سياسيًا الاتحاد الإماراتي، دبي تريد العودة إلى دبلوماسية المال والأعمال والانفتاح على محيطها بعيدًا عن مشاحنات السياسة وصداماتها وهذا ما فعله شريكها بالحكم بالزيارة.

بالمقابل فإن الاقتصاد التركي يحتاج استثمارات جديدة ورؤوس أموال تنهض بالصادرات التركية وقيمة الليرة، والإمارات بطبيعة الحال هي خلال سنوات الصدام من أكبر الشركاء للسوق التركية، وتوطيد ركائز هذه الشراكة فيه ضمانة وإشارة واعدة بالنسبة إلى المستثمرين عمومًا، فالثقة التي توليها أبو ظبي لأنقرة اقتصاديًا هي مؤشر قوة بالرغم من الخلاف السياسي القائم للحظة.

الاتفاقيات التي وقعها الجانبان هي بمجملها اقتصادية أُبرمت تحت ظروف الضغط الداخلية دون التعرض للمسائل السياسية، التي تعدُّ فتيل أزمة بأي لحظة قد تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، ولذلك فإن علاقات اليوم هي قيد الاختبار وليس الإنجاز.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

فالعبث الإماراتي شرق المتوسط ضد تركيا، وكذلك دورها في ليبيا وسورية والصومال، سيُحدد ما إذا كانت أولوية الإمارات هي العودة لسياسة الحياد والانقياد خلف المال والأعمال فقط أم أنها مراوغة لشركائها في الاتحاد.

بالمقابل ستظهر علامات التحسن على لسان الساسة الأتراك فيما لو أنهم تجاوزا مرحلة الصدام والصراع مع أبو ظبي، وإلَّا فإن ما شهدناه هو عبارة عن هدنة لمصلحة الطرفين.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط