أعلنت جامعة العلوم الصحية التركية عن إطلاق مبادرة تهدف إلى إعادة إحياء “المدرسة الطبية العثمانية في دمشق”، التي تُعد من أبرز المعالم التاريخية في مجال التعليم الطبي خلال الحقبة العثمانية. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود تعزيز التعاون العلمي بين تركيا وسوريا، وإحياء التراث الطبي في المنطقة.
وقال رئيس الجامعة البروفيسور كمال الدين أيدين، في بيان صحفي، إن المدرسة الطبية العثمانية في العاصمة السورية دمشق تُعتبر “جسرًا علميًا وأخوياً بين الماضي والحاضر”، مؤكداً أن الهدف من المشروع هو إعادة افتتاح هذا الصرح التعليمي الذي أسسه السلطان عبد الحميد الثاني عام 1903.
اقرأ أيضاً: زيارة رسمية إلى الدوحة.. خطوات جديدة لتعزيز العلاقات بين…
وأوضح أيدين أن جامعته، التي تقدم خدمات التعليم الصحي في مناطق مختلفة من سوريا، ستعمل على تجهيز المدرسة الطبية بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي في البلدين، مشيراً إلى أن المشروع يُعد جزءاً من رؤية الجامعة لتوسيع خدماتها في مجال التعليم الصحي في سوريا.
وأضاف: “الآن، هدفنا هو نقل هذه الرؤية إلى دمشق وتقديم الأمل والصحة مجددًا إلى سكان المنطقة من خلال هذا الصرح الذي أُنشئ بأوامر من السلطان عبد الحميد. دبلوماسية الصحة هي واحدة من أقوى الأدوات لبناء السلام والأخوة، ومن خلال هذا المشروع سنحافظ على تاريخنا وسنهدي مستقبلاً دائماً للمنطقة”.
خطط لإطلاق المدرسة الطبية عام 2025
وفقاً لوكالة الأناضول التركية، من المتوقع أن يتم تجهيز المدرسة في إطار مبادرة إعادة الإحياء بسرعة، بحيث تكون جاهزة لاستقبال الطلاب في العام الأكاديمي 2025-2026.
وأشار أيدين إلى أن الجامعة التركية تُشرف حالياً على كلية الطب في منطقة جوبان باي (الراعي) شمالي سوريا، والتي تقدم خدمات تعليمية وصحية لسكان المنطقة، مضيفاً أن إحياء المدرسة الطبية في دمشق سيُسهم في توسيع هذه الجهود وتقديم خدمات أوسع في مجال الصحة والتعليم.
تاريخ المدرسة الطبية العثمانية في دمشق
تأسست المدرسة الطبية العثمانية في دمشق بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني في 27 أيلول 1901، كجزء من سياسة تهدف إلى تعزيز التعليم الطبي في بلاد الشام وتوفير بديل محلي عن مدارس الطب الأجنبية التي كانت موجودة في بيروت آنذاك.
تولت وزارة المعارف العثمانية بالتعاون مع حاكم ولاية سوريا ناظم باشا الإشراف على إنشاء المدرسة، واستغرق التحضير سنتين لتوفير الموارد المالية والمكان المناسب.
أقسام المدرسة ونظام القبول
عند تأسيسها، ضمت المدرسة فرعين رئيسيين: الطب البشري والصيدلة. وكانت مدة الدراسة في فرع الطب البشري ست سنوات، بينما استغرقت دراسة الصيدلة ثلاث سنوات.
قُبل في المدرسة الطلاب المتخرجون في المدارس الإعدادية، بينما خضع غيرهم لامتحان معادل للإعدادية، بالإضافة إلى تقديم قيد نفوس وشهادة صحية تثبت قدرتهم على ممارسة المهنة.
بدأت الدراسة في المدرسة الطبية بقبول أربعين طالباً، معظمهم من سكان دمشق. وكان الطلاب القادمون من خارج المدينة يقيمون في القسم الداخلي للمدرسة مقابل رسوم سنوية.
مقر المدرسة ومصادر تمويلها
في البداية، تم اختيار دار زيوار باشا العظم في حي الصالحية كمقر للمدرسة. ومع زيادة الحاجة إلى مرافق حديثة، نُقلت المدرسة عام 1914 إلى مبنى جديد في حي البرامكة، بالقرب من مستشفى الغرباء الحميدي، وتم افتتاح المقر الجديد في 21 آذار 1914.
أما تمويل المدرسة، فكان يعتمد على زيادة قرش واحد على كل ذبيحة تُذبح في مسالخ ولايات سوريا، بيروت، حلب، وأضنة، إضافة إلى متصرفيتي القدس ودير الزور، وفقاً لما ذكره موقع “التاريخ السوري المعاصر”.
دبلوماسية الصحة.. رسالة سلام وأخوة
يرى القائمون على المشروع أن إعادة افتتاح المدرسة الطبية العثمانية في دمشق يندرج ضمن ما يُعرف بـ “دبلوماسية الصحة”، التي تهدف إلى بناء جسور التعاون والسلام من خلال تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، خاصة في المناطق التي عانت من آثار الحروب.
ويأمل المسؤولون في أن تُسهم هذه المبادرة في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في سوريا، من خلال تقديم تعليم طبي حديث يحافظ على الإرث التاريخي ويُلبي احتياجات الحاضر والمستقبل.