اندلع حريق ضخم بمبنى السجل العقاري بمدينة حماة الأربعاء الفائت، يضم أصول الملكية العقارية الخاصة والعامة في المحافظة.
وعلى إثر الحريق أبدى مراقبون تخوفهم من افتعال النظام السوري للحريق، بهدف مسح سجلات ملكية لمواطنين سوريين بغية التلاعب بحقوق الملكية والمضي بنهج التغيير الديموغرافي.
ووفق نشطاء في حماة، فإن حكومة النظام وأجهزتها الأمنية نظمت المزادات للعام الثاني على التوالي تمهيدًا للاستيلاء على الأراضي الزراعية العائدة للمهجرين قسريًا، وهذا ينطبق على كل المناطق التي تم تهجير سكانها الأصليين قسرًا.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
المحامي (نادر المطروح) موظف في رابطة المحامين السوريين الأحرار بمجال التوعية القانونية للنازحين تحدث لصحيفة حبر عن انتهاكات النظام للملكية العقارية قائلاً: “يجب التركيز على أهم الانتهاكات التي وقعت على الملكية العقارية (المقصود بها سندات الملكية العقارية وسندات الأحوال المدنية)، التي تم إهمالها مدة عشر سنوات، حيث يوجد عشوائية كبيرة في التسجيل في المناطق الواقعة خارج سيطرة قوات النظام، ففي حال لم يحدث حل سياسي توجد نسبة كبيرة من الناس، وخصوصًا الأطفال، مكتومي القيد، وهذا الأمر يحتاج دراسة خاصة له من كل الجوانب”.
ونوه المطروح إلى الانتهاكات المتعلقة بالملكية العقارية، فقد قسمها إلى خمسة انتهاكات، أربعة منها متعلقة بالسلطة الحاكمة ونفوذها، وواحد مرتبط بالتزوير الذي يقوم به المدنيون فيما بينهم بهدف الطمع والجشع.
أولاً: مصادرة ملكية العقار بذريعة أن المالك إرهابي والسيطرة على أملاكه من خلال محاكمات صورية.
وثانيًا: المصادرة تحت مظلة القانون رقم (10) بحجة التنظيم في مناطق معينة من خلال مذكرات تبليغ للأشخاص المعنيين الذين لايستطيعون حضور المحاكم والمدافعة عن حقوقهم والاعتراض، كونهم مهجرين خارج سيطرة قوات النظام أو ضمن مناطق سيطرة النظام، لكن يخشون الاعتقال.
الأردن: الحل في سورية معدوم إلا في هذه الحالة!
وثالثًا: هو الإكراه بالبيع الذي يقوم به أشخاص لمصلحة ميلشيات طائفية مرتبطة بإيران.
ورابعًا: هو أنك لم تفقد حقك بالملكية، إنما فقدت حقك بالانتفاع بالعقار كونه موجود في مناطق أصبحت عسكرية أو خطوط اشتباك لايوجد فيها أمن وسلامة ربما يستمر لسنوات عديدة.”
وتابع المطروح: “الأمر الخامس هو التزوير الذي يقوم به أشخاص مدنيون فيما بينهم بهدف الطمع والجشع، حيث يقوم بعض الناس بالتصرف بالعقارات دون الرجوع للسجل العقاري، وهذا يؤدي إلى حدوث خلل وتزوير لا يمكن اكتشافه إلا بعد سقوط النظام وظهور النزاعات حول الملكيات، فمن الممكن أن يقوم البائع الأصلي بالتواطؤ وبيع العقار لأكثر من مرة بحكم عدم وجود تسجيل عقاري، وممكن أن يقوم أشخاص غير مالكين ببيع العقار دون علم المالك الأصلي”.
في فترة الصراع ماهي التدابير الوقائية لحماية ملكيتي العقارية؟
يجيب المطروح: “يجب أن نعلم بأن الولاية القضائية والسلطة التشريعية المعترف عليها دوليًا هي بيد النظام السوري، فنحن في المناطق الواقعة خارج سيطرة قوات النظام يجب أن نتخذ تدابير وقائية نحمي بها ملكياتنا العقارية، ومن أهمها أن نحافظ على الوثائق والمستندات التي بين أيدينا حتى لو كانت صورًا أو فواتير كهرباء ومياه، وهي تنفع بكل تأكيد مستقبلاً، ويمكن توثيقها لدى إحدى منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، مما يعطي صفحة شبه رسمية لهذه البيانات بأن هناك جهة سجلت وصادقت على هذه الوثائق، وأي إضافات لاحقة تكون بموافقة المالك.
ولمنظمات المجتمع المدني حاليًا دور كبير بتوثيق الملكيات العقارية للنازحين والمهجرين سواء في المناطق المحررة أو في تركيا وأوروبا، ولاحقًا تصبح خصومات ظاهرة ومحاكمات، وكل شخص يدافع عن حقه دون أي معوقات، كما هو الحال بالمسح الذي قامت به بعض المنظمات لممتلكات المهجرين في الغوطة من خلال مقابلات، لكن المسح لم يشمل سوى المهجرين القاطنين في الشمال السوري المحرر، أما لو أن هناك مسح شامل فسيكون هناك صعوبة لدى السلطة أو الأفراد بنزع هذه الملكيات وممكن أن تُخلق مناصرة دولية لحماية هذه الممتلكات.
وتشترك عدد من المنظمات السورية في مجموعة عمل للدفاع عن حقوق الملكية من أجل الإسهام في رفع وعي الفاعلين حول القضايا المتعلقة بهذا الخصوص، ورصد ما يستجد حوله، والأخطار التي يمكن أن تهدد حقوق الملكية للسوريين.
وتضم هذه المجموعة كلًا من المنظمات التالية:
(أبجد، مدنيون للعدالة والسلام، تجمع المحامين السوريين الأحرار، مجلس القضاء السوري، منظمة التنمية المحلية، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وحدة تنسيق الدعم، رابطة محامي حلب، حماة حقوق الانسان، النساء الآن، مسار، دائرة المهجرين في الحكومة المؤقتة، دائرة حقوق الملكية في الحكومة السورية المؤقتة، رابطة كرامة المواطن، جذور، المحامون السوريون الأحرار، مساواة، إحياء الأمل، إحياء السلام).
كما عمل كل من (المركز السوري للعدالة والمساءلة، والبرنامج السوري للتطوير القانوني، وتجمع المحامين السوريين، ومنظمة اليوم التالي، ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة) على مشاريع تخص حماية الممتلكات العقارية للنازحين، حيث قام “المركز السوري للعدالة والمساءلة” بإعداد تقرير بعنوان: “عودتنا أصبحت حلمًا”، يلخص ويشرح تاريخ قوانين الملكية العقارية في سورية، للمساعدة في فهم تعقيدات أي مشروع لحماية واستعادة الممتلكات العقارية، كما عملت منظمة “اليوم التالي على موضوع حقوق الملكيات العقارية في عام 2014، وتركز عملها على حفظ نسخ إلكترونية من السجلات العقارية والوثائق الرسمية تخوفًا من احتمال تعرضها للتلف بفعل العمليات العسكرية أو السرقة أو أسباب أخرى، بالشراكة مع “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، و”محامو حلب الأحرار”، ومنظمة “أبجد”، وعدد من المجالس المحلية في مناطق حلب وادلب وحمص.
هدف النظام استيطاني لخلق مجتمعه المتجانس:
يرى المحامي غزوان قرنفل مدير تجمع المحامين السوريين الأحرار في حديث لصحيفة حبر، أن “خطورة هذا الأمر ليست مسألة تقنية، إنما خطورتها أنها قضية استيطانية وانتزاع سكان بالتهجير القسري لإحلال سكان آخرين مكانهم، لذلك من المهم العمل على حماية الممتلكات من خلال حماية وثائق الملكية المختلفة وكل مايشير إلى وجود ملكية للأشخاص.
وتابع قرنفل قائلاً : “هناك عدّة وسائل يتبعها النظام لحرمان السوريين من ممتلكاتهم أو تقييد تصرفهم بها، كبعض القوانين الجائرة التي لا تهدف فقط لانتزاع الملكية بالقانون، إنما تضييق السبل على أصحاب هذه الممتلكات، واضطرارهم لبيعها لحيتان المال وأثرياء الحرب، مما سيفضي عمليًا لانتزاع هؤلاء من مواطنهم وأماكن سكنهم وانتقالهم لأماكن أخرى،مما يحقق التغيير الديموغرافي الذي يسعى له النظام، وهذا ما يفعله أيضاً القانون ١٠، أو من خلال قرارات الاستيلاء والمصادرة تحت مزاعم أن أصحابها قدموا دعمًا لجماعات إرهابية.
التحديات التي تواجه منظمات المجتمع في حماية الممتلكات العقارية للنازحين:
يقول قرنفل: “التحديات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني بهذا السياق هي نقص التمويل أولاً، ولقد أوقفنا برنامجًا مهمًا عملنا عليه سنوات فقط بسبب التمويل، وهو تصوير وحفظ السجلات العقارية السورية، حيث توقفنا في منتصف الطريق بعد أن توقف تمويل البرنامج رغم أهميته القصوى.
ثانيًا: ضعف استجابة المجتمع لهذا الأمر بالرغم من حملات التوعية الكثيرة التي انطلقت خلال عام مضى، وما يزال بعضها مستمرًا، لكن الكثير منها يُواجه باللامبالاة، كأن لسان حال الناس يقول: لقد تشردنا وقُتل أبناؤنا ودُمرت بيوتنا، فما نفع التوثيق والوثائق؟! مع الأسف هم لايدركون أن الصراع لن يستمر للأبد، وأن هناك حل ما سيأتي في النهاية وسيكون من ضمنه ضمان حق الناس في العودة واستعادة ممتلكاتهم أو التعويض عمَّا يتعذر إعادته.
يحلم السوريون ممن تم تجهيرهم وصُودرت ممتلكاتهم العقارية بحل سياسي شامل وفقًا لقرار 2225 لعام 2015 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يضمن استعادة حقوق الملكية والسكن والأرض وفقًا لمبادئ الإسكان والممتلكات الخاصة باللاجئين والمشردين، التي تم اعتمادها من قبل الأمم المتحدة عام 2007، حيث تهدف مبادئ بينهيرو إلى ضمان عودة الأشخاص ليس إلى مدنهم وبلداتهم فقط، بل إلى منازلهم أيضًا، كما تتناول مطالبات استرداد حقوق السكن والأرض والملكية.