حملة العودة إلى المدارس في الشمال السوري..دعمٌ تعليمي ونفسي لضمان مستقبل أفضل

عبد الملك قرة محمد

1٬055

في إطار التحديات المستمرة التي تواجهها المناطق المحررة في سوريا، أطلقت جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية حملة “العودة إلى المدارس” لهذا العام، مستهدفةً الأطفال في المناطق الريفية والمناطق القريبة من خطوط التماس. تهدف الحملة إلى تعزيز العودة إلى التعليم وتوفير بيئة مناسبة للطلاب والطالبات، خاصةً من انقطعوا عن الدراسة بسبب الأوضاع الراهنة.

أهداف الحملة: بناء الوعي وتوفير الدعم التعليمي

بحسب أ. طارق الشيخ، مسؤول التعليم في جمعية عطاء، تتضمن الحملة أهدافاً رئيسية، من أبرزها:

تحفيز أولياء الأمور: تشجيع وحث الأهالي على تسجيل أبنائهم في المدارس، وخاصة الأطفال الذين انقطعوا عن التعليم لفترات طويلة، لإعادة اندماجهم في العملية التعليمية.

خلق بيئة تعلم مشجعة: توفير بيئة تعليمية محفّزة، يشعر فيها الأطفال بالراحة والرغبة في الاستمرار، مما يعزز دافعهم للعودة إلى المدرسة.

زيادة الوعي المجتمعي: رفع الوعي المجتمعي حول حقوق الطفل وأهمية التعليم، وتزويد الأهالي بالمعلومات الضرورية عن برامج التعليم المتاحة، وسبل التسجيل، والأنشطة المصاحبة للحملة.

التعريف بمشاريع التعليم: تقديم معلومات حول أنشطة المشروع وطرق التسجيل وأماكن التنفيذ لتسهيل وصول الأهالي والطلاب إلى المعلومات اللازمة للانضمام إلى المدارس.

الدعم النفسي والاجتماعي: تهيئة الطلاب للعام الدراسي

أوضحت الحملة أن تقديم الدعم النفسي يُعد ركيزةً أساسية في هذا المشروع، إذ تسعى الحملة إلى:

تهيئة الطلاب نفسياً للعودة إلى الدراسة، خاصةً المنقطعين منهم، عبر برامج وجلسات للدعم النفسي التي تساعد في خلق اتجاهات إيجابية تجاه المدرسة، مما يعزز الثقة لديهم ويخفف من مشاعر القلق.

تقديم جلسات دعم نفسي واجتماعي: تشمل الجلسات التدريبية والمشورة النفسية، وتستهدف الطلاب المتأثرين بتجارب سابقة، بهدف التخلص من المخاوف المرتبطة بالعودة إلى المدرسة.

تنفيذ أنشطة توعوية: تسعى الحملة إلى توعية الأطفال وأسرهم بأهمية الصحة النفسية وتأثيرها على جودة التعلم، وذلك من خلال مدربين مختصين يقدمون نصائح ودروساً تساعد الأطفال على التكيف مع الضغوط.

 

التغطية الجغرافية للحملة: وصول شامل لكافة المناطق

على الرغم من التحديات، تسعى الحملة للوصول إلى جميع الأطفال في المناطق المحررة. وبحسب تصريحات الشيخ، “لا تركز الحملة على منطقة معينة، بل تهدف للوصول إلى جميع المناطق والمجتمعات السكانية التي تحتاج إلى الدعم، لتعزيز التحاق الطلاب من مختلف الخلفيات والمستويات التعليمية.”

دعم مادي وتعليمي متكامل: الاستجابة لاحتياجات الطلاب

تشمل الحملة مجموعة من وسائل الدعم المادي واللوجستي، حيث يتم توفير:

قرطاسية وملابس مدرسية: تشمل توزيع المواد الأساسية التي يحتاجها الطلاب للبدء بالعام الدراسي، إلى جانب الزي المدرسي الذي يساعد في دعم الأهالي مادياً، وتشجيع الأطفال على الالتزام بالدوام.

جلسات توعية وتدريب: تتنوع الجلسات بين الدعم النفسي والدعم التعليمي لتوجيه الطلاب وأولياء الأمور نحو السلوكيات الإيجابية في المدرسة، وذلك لتهيئة بيئة صحية ومتكاملة للطلاب.

التعامل مع الأطفال المنقطعين عن التعليم

بسبب الأوضاع الراهنة، اضطر العديد من الطلاب إلى التوقف عن الدراسة لفترات طويلة. وتهدف حملة “العودة إلى المدارس” إلى دعم هؤلاء الأطفال من خلال:

تطبيق أساليب التعليم المسرَّع والعلاجي: تستخدم الحملة طرقاً تعليمية حديثة لمساعدة الطلاب على تعويض ما فاتهم في فترة الانقطاع، إضافةً إلى توفير دعم نفسي ومادي لتشجيعهم على استكمال تعليمهم.

تقديم دعم إضافي: يتضمن دعم نفسي مستمر وجلسات تعليمية تهدف إلى تحسين مستوى الطلاب المتأخرين دراسياً، مما يسهم في تسهيل اندماجهم في الصفوف الدراسية العادية.

دور المعلمين وأولياء الأمور: شركاء فاعلون في إنجاح الحملة

تعتبر جمعية عطاء المعلمين وأولياء الأمور عناصر أساسية في إنجاح الحملة. إذ تعمل الحملة على إشراكهم من خلال:

دعم أولياء الأمور: تشجيعهم على تسجيل أطفالهم، خاصةً المتسربين منهم، وذلك من خلال تزويدهم بالمعلومات والإرشادات المناسبة.

دور المعلمين في التوجيه والمتابعة: يعمل المعلمون كحلقة وصل بين الحملة والطلاب، ويساهمون في تشخيص المشكلات التي يواجهها الطلاب وتقديم الدعم اللازم لهم، مما يساعد على تقليل حالات التسرب والانقطاع.

الأنشطة المرافقة: ورش تدريبية وجلسات توعية

تتضمن حملة “العودة إلى المدارس” أنشطة مصاحبة تساعد على تعزيز التعليم وزيادة الوعي لدى المجتمع، حيث تشمل:

ورشات توعية: يتم تنظيم لقاءات مع أولياء الأمور وجلسات توعية تقدمها فرق التعليم والحماية في الجمعية، وتتناول مواضيع تتعلق بحقوق الطفل وأهمية التعليم.

توزيع كتيبات ومطبوعات توعوية: يتم توزيع مواد إعلامية على الأهالي لنشر المعلومات حول الحملة، مثل الكتيبات والمنشورات، إضافةً إلى الرسائل عبر مجموعات واتساب التي تجمع أولياء الأمور والمعلمين.

التحديات الميدانية: الصعوبات في ظل الأوضاع الأمنية

تواجه الحملة تحديات كبيرة أثناء تنفيذ أنشطتها، وأبرزها:

خطورة العمل قرب خطوط التماس: تزداد المخاطر في المناطق القريبة من خطوط التماس التي تتعرض للقصف المستمر، مما يعوق بعض الأنشطة ويهدد سلامة الأطفال والموظفين.

نقص الفرق الميدانية: تحتاج الحملة إلى فرق إضافية للوصول إلى كافة الأطفال والأسر في المناطق المستهدفة، إذ أن العدد الحالي لا يكفي لتغطية جميع المتطلبات.

دور المتطوعين والمنظمات المحلية: تعزيز الانتشار والوصول السريع

تؤكد جمعية عطاء على دور الفرق التطوعية والمنظمات المحلية في إنجاح الحملة، حيث يستطيع المتطوعون دعمها من خلال:

زيادة انتشار الحملة: تساعد الجهود التطوعية على توسيع نطاق الحملة وتعزيز وصولها إلى جميع الفئات والمجتمعات المستهدفة.

التواصل المباشر مع الأسر: تسهم الفرق المحلية في بناء علاقات قوية مع الأهالي، مما يسهل تنفيذ الأنشطة ويشجعهم على تسجيل أطفالهم في المدارس.

دعم الصحة النفسية: برامج مخصصة للأطفال المتأثرين بالنزاع

تشمل الحملة برامج دعم نفسي مخصصة للأطفال المتضررين من النزاع، حيث يتم:

تنظيم جلسات توعوية للصحة النفسية: تقديم جلسات حول أهمية الصحة النفسية وتأثيرها الإيجابي على الأداء التعليمي، وذلك بإشراف مختصين مؤهلين.

توجيه الأطفال نحو التعافي من آثار النزاع: تهدف الجلسات إلى مساعدة الأطفال على التخلص من الصدمات المرتبطة بالبيئة التي يعيشون فيها، مما يسهم في تحسين صحتهم النفسية ورفع كفاءتهم الدراسية.

قياس نجاح الحملة ومستوى التأثير على الطلاب والمجتمع

تقوم جمعية عطاء بتقييم نجاح الحملة عبر عدة مؤشرات، من أبرزها:

زيادة نسب التسجيل: متابعة نسبة الطلاب المسجلين ومدى التزامهم بالحضور بعد انطلاق الحملة.

التغيير في السلوكيات الإيجابية: ملاحظة مدى تطور السلوكيات الإيجابية لدى الطلاب خلال فترة الدراسة.

ارتفاع عدد الطلاب العائدين: تحليل نسبة الطلاب الذين عادوا إلى الدراسة من خلال الحملة مقارنةً بالأعوام السابقة.

تفاعل المجتمع المحلي: قياس حجم تفاعل أولياء الأمور مع أنشطة الحملة ومدى دعمهم لأبنائهم.

خطط التوسع المستقبلي

أشارت جمعية عطاء إلى أنها تعمل على توسيع نطاق الحملة، إذ قال الشيخ: “نعمل بجدٍّ لتحقيق أهداف أوسع، وسنعلن عن الخطط المستقبلية بمجرد الانتهاء منها.” وتشمل هذه الخطط زيادة عدد المناطق المستهدفة وتوسيع الأنشطة بما يتماشى مع احتياجات المجتمع المحلي.

ختاماً، تُعد حملة “العودة إلى المدارس” خطوة مهمة في دعم التعليم في الشمال السوري، حيث تعمل الجمعية على توفير كل الدعم الممكن للطلاب، سواء النفسي أو التعليمي، لضمان مستقبل تعليمي أفضل في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها هذه المناطق.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط