أظهرت تقديرات اقتصادية حديثة انخفاض أسعار المواد الغذائية في سوريا بنسبة 21.7% خلال شهر فبراير 2025 مقارنةً بالعام الماضي، إلا أن هذا التراجع لم يُترجم إلى تحسن فعلي في حياة المواطنين، في ظل استمرار تدهور القدرة الشرائية وتراجع مستويات الدخل بشكل حاد.
وأكدت مصادر اقتصادية أن هذا الانخفاض النسبي في الأسعار لا يعني تحسناً في أوضاع المعيشة، إذ لا تزال السلع الأساسية بعيدة عن متناول غالبية الأسر السورية، نتيجة ضعف الإنتاج المحلي، والاعتماد الكبير على الواردات، التي تعاني بدورها من قيود مشددة فرضتها الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ سنوات.
دخول لا تكفي لأبسط الاحتياجات
وبحسب البيانات الرسمية، فإن متوسط رواتب الموظفين في القطاع الحكومي لا يتجاوز 325 ألف ليرة سورية شهرياً (نحو 32 دولاراً)، وهو مبلغ لا يغطي سوى جزء بسيط من تكلفة المعيشة، بينما يبلغ متوسط الرواتب في القطاع الخاص 750 ألف ليرة سورية، وهي بدورها لا تفي سوى بالحد الأدنى من النفقات الشهرية، مثل الخبز، وفاتورة الهاتف، وأجرة النقل، وجرة الغاز لعائلة مكوّنة من خمسة أفراد.
اقرأ أيضاً: وول ستريت جورنال: إسرائيل تتوغّل خارج المنطقة العازلة وتحتل…
وفي هذا السياق، قدّر الخبير الاقتصادي عاطف عزام الحد الأدنى المطلوب لتغطية نفقات أسرة سورية من خمسة أفراد بحوالي 2.5 مليون ليرة سورية شهرياً (ما يعادل 250 دولاراً)، بينما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور حالياً 280 ألف ليرة (28 دولاراً)، ما يعكس فجوة كارثية تصل إلى نحو 890% بين الدخل والمصروف.
الدخل يغطي 18% فقط من تكاليف الغذاء
وأشار عزام إلى أن الدخل الحالي يغطي بالكاد 18% من تكلفة الغذاء فقط، فيما لا يغطي متوسط دخل الموظف الحكومي أكثر من 3% من إجمالي تكاليف المعيشة، ما يشير إلى اتساع خطير في الفجوة الاقتصادية، ويضع الأسر السورية تحت ضغط معيشة متصاعد.
تدهور العملة وتأثيراته
وقد ساهم التراجع الكبير في قيمة الليرة السورية خلال عام 2023 – حيث فقدت أكثر من 315% من قيمتها – في تعميق الأزمة الاقتصادية، وتضخيم الفجوة بين الأسعار الرسمية والسوق السوداء، في ظل عجز السياسات النقدية والاقتصادية عن الحد من التدهور المستمر.
قرارات جديدة لتخفيف العبء
في هذا السياق، أصدرت القيادة السورية الجديدة حزمة من القرارات الاقتصادية تهدف إلى إنعاش السوق وتقليص الفجوة بين العرض والطلب، من أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، بما في ذلك الدولار، في التعاملات التجارية والبيع والشراء، في تحول لافت عن السياسات السابقة التي كانت تُجرّم هذه العمليات وتفرض غرامات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.
ختاماً، لا يزال الشارع السوري يترقب خطوات أكثر فاعلية لتحسين الواقع المعيشي، وسط آمال بأن تترجم هذه السياسات إلى واقع ملموس يرفع من مستوى المعيشة ويعزز الاستقرار الاقتصادي في البلاد.