روسيا تدعم ملامح نظام عالمي جديد

غسان الجمعة

النظام الدولي الجديد
795

أمام منتدى وكالة المبادرات الاستراتيجي (أفكار قوية لعهد جديد)، أعلن الرئيس الروسي بوتين الأربعاء 21 تموز 2022 عن أن التاريخ العالمي ينتقل إلى مرحلة جديدة إذ يمكن للدول ذات السيادة الحقيقية فقط إظهار ديناميكيات نمو عالية، لاسيما أن النظام العالمي الحالي يعيق التنمية.

وفي ذات السياق قال الرئيس الروسي: إنه على الصعيدين الوطني والعالمي يجري تطوير أسس ومبادئ نظام عالمي متناغم وأكثر عدلاً في توجهه الاجتماعي وهو آمن كبديل للنظام الحالي”.

النظام العالمي الجديد الذي تسعى إليه روسيا هو نظام متعدد الأقطاب يكسر الهيمنة الغربية بكل سماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المفروضة دولياً، وفي سبيل ذلك عمل بوتين داخليا لبناء روسيا العظمى على أعتاب نظام دولي جديد.

بالتوازي مع ذلك هناك جملة من المظاهر والمواقف الدولية التي تستند إليها روسيا في مساعيها نحو عالم متعدد الأقطاب حيث تستغل روسيا طموحات الدول الصاعدة وتدعم رؤيتها نحو العالمية كقوى يجب أن تحتل مكانتها الصحيحة في ظل النظام العالمي الجديد، فالهند تسعى لدور أكبر سياسياً واقتصادياً، وقد خاطب وزير خارجيتها أوروبا في معرض موقف بلاده من الحرب الأوكرانية قائلاً: “حان الوقت لتتجاوز أوروبا عقليتها التي تفترض أنّ مشكلات أوروبا هي مشكلات العالم”، وليس ببعيدٍ عن هذا المنطق ما تقوم عليه السياسة التركية في رؤيتها لإصلاح المنظومة العالمية (العالم أكبر من خمسة).

هجوم إسرائيلي يستهدف مواقع قوات الأسد والميليشيات الإيرانية في دمشق

إن السياسة الاقتصادية والتوجه الحالي الذي تدعمه روسيا على الساحة الدولية من خلال تصنيف الدول إلى صديقة وغير صديقة واعتماد العملات الوطنية كقيمة مدفوعات وبناء أنظمة مصرفية محايدة عن المنظومة الغربية بآليات وأسس جديدة بعيداً عن منطق العقوبات دخلت حيز التنفيذ مع دول مثل الصين وإيران والبرازيل، إضافة إلى التوسع في بناء التكتلات الاقتصادية والسياسية الموازية لتلك الغربية مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي كلها عمليات تهدف لخلق بيئة منافسة وموازية لتلك التي تتحكم بها الدول الغربية على ذات الأصعدة على الساحة الدولية.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

من جانب آخر تستغل روسيا فشل المنظومة الليبرالية على المستوى العالمي سواء مما يعانيه الاقتصاد الرأسمالي من أزمات ومشكلات متعاقبة أو مما تعانيه المجتمعات من انقسام حاد في بعض القيم والمفاهيم حيث باتت المثلية والإجهاض واجهة هذه المنظومة وهو ما دفع المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للسخرية من هذا التوجه، وكانت السعودية واضحة تماماً خلال كلمة ولي العهد السعودي أمام بايدن في قمة جدة الأخيرة حول ضرورة احترام القيم وخصوصية كل بلد في منطق جديد لأبجدية الخطاب السياسي السعودي مع واشنطن.

إن رفض محاولة التذويب في بوتقة العولمة الغربية وإنكار حالة الازدواجية والكيل بمكيالين اتجاه القضايا العالمية دفعت دول العالم الثالث للانحياز نحو المعسكر الروسي في هذه المعركة ضد الدول الغربية فالعديد من دول أفريقيا وآسيا لا تزال لليوم ترزح تحت ضغوط الشركات الغربية متعددة الجنسيات وفوضى النماذج السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستوردة على المقاس الغربي.

التاريخ لا يحكمه نص معد سلفاً ولا يمكن إسقاط أيّ رؤية جاهزة على الواقع، لذلك فإن انتصار الليبرالية الغربية في هذا الصراع ربما يكون انتصاراً فادح الثمن مثقلاً بمشكلات تجعله أقرب للهزيمة في حين قد يكون انتصار التوجه نحو نظام دولي جديد على أنقاض المنظومة الحالية يعني الدخول بنفق مظلم في ظل ضبابية الرؤية لهذا المشروع واعتماده منطق القوة والسيطرة علناً.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط