في ضربة أمنية نوعية وُصفت بأنها من أكبر العمليات ضد شبكات تهريب المخدرات في سوريا، أعلنت السلطات السورية، ضبط معمل لتصنيع حبوب الكبتاغون داخل مستودع في محافظة اللاذقية شمال غربي البلاد. وتعود ملكية المستودع إلى وحدات تابعة للنظام السابق، في مؤشر على استمرار تفكيك البنية اللوجستية لشبكات التهريب المرتبطة بعائلة الأسد.
وذكرت محافظة اللاذقية عبر قناتها الرسمية على منصة “تلغرام”، أن فرع مكافحة المخدرات بالتعاون مع إدارة الأمن العام نفّذ مداهمة دقيقة أسفرت عن مصادرة كميات ضخمة من حبوب الكبتاغون، إلى جانب مكبس صناعي وآلات تغليف كانت تستخدم في إعداد المخدرات وتجهيزها للتهريب خارج البلاد.
وأشار البيان الرسمي إلى أن المواد المصادَرة كانت مخبّأة بعناية داخل قضبان حديدية، داخل أحد المستودعات التابعة للفرقة الرابعة، وهي وحدة عسكرية بارزة كان يشرف عليها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد. وتتهم تقارير دولية ماهر الأسد بلعب دور محوري في إدارة وتسهيل تجارة المخدرات خلال سنوات الحرب.
وتأتي هذه العملية في إطار حملة متصاعدة أطلقتها الحكومة السورية الانتقالية لتفكيك البنى المالية غير الشرعية التي اعتمد عليها النظام السابق، وفي مقدمتها تجارة المخدرات، التي تحوّلت في سنوات الحرب إلى شريان تمويلي رئيسي لعائلة الأسد وأركان حكمه.
وبحسب تقارير دولية، وعلى رأسها تقرير لوزارة الخارجية البريطانية، فقد كان النظام السوري مسؤولًا عن نحو 80% من الإنتاج العالمي لحبوب الكبتاغون، في تجارة بلغت قيمتها السنوية نحو 10 مليارات دولار، وحققت لعائلة الأسد أرباحًا مباشرة تقدّر بـ 2.4 مليار دولار سنويًا.
في السياق الإقليمي، أكد الأردن، وهو من أكثر الدول تأثرًا بعمليات تهريب الكبتاغون من سوريا، انخفاضًا كبيرًا في محاولات التهريب عبر الحدود خلال الأشهر الأخيرة. وقال العميد طلال الغبين، مدير الأمن العسكري الأردني، في تصريحات صحفية بتاريخ 8 نيسان 2025، إن هذا التراجع يعود إلى التعاون الأمني المتزايد في جنوب سوريا، وجهود التنسيق المستمرة مع الأجهزة الأمنية السورية.
ويُعد هذا الانخفاض مؤشرًا على بدء تفكيك الشبكات التي كانت تغذي تجارة الكبتاغون في الإقليم، لا سيما مع سقوط النظام السابق في كانون الأول 2024، وبروز مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة ومؤسساتها بقيادة حكومة انتقالية تسعى إلى استعادة الاستقرار ومكافحة الجريمة المنظمة.
وأكدت مصادر أمنية أن التحقيقات جارية للكشف عن بقية المتورطين في هذه الشبكة، وسط ترجيحات بتورط شخصيات بارزة من النظام السابق وأذرعه الأمنية والاقتصادية، ما يعزز من أهمية العملية الأخيرة كخطوة على طريق تفكيك إرث الاقتصاد الأسود الذي شكّل أحد أوجه الحرب السورية خلال العقد الأخير.